هي له كمال إلى ما فيه دوام غبطته وبقائه.
وهذا فصل قد أوضح فيه أن الحياة هي الصورة ، وبالحقيقة هي الحية. وإنّما لم تسم صورة إلّا بسبب تصورها للمبدع الأول ، فكانت هذه صورة أوجبت لها صورة البقاء والأزل فيما هي فيه. ثم تصورت إنكار من أنكرته ، فكانت ذات صورتين : أوجبت لها الأولة اللطافة ، والثانية الكثافة. فقرنت بالهيولى الذي هو المصر المستكبر المنكر للكل. وامتزجت به التي هي النامية السفلية ، التي رسبت أسفل سافلين ، فهي محركة لها متحركة من داخلها ، فهي محركة من الأفلاك لها في عالم الكون والفساد ، ومتحركة بذاتها في عالم الأجرام لدوام النشوء (١) وظهور المواليد وهي المتحركة في عالم الكون والفساد ، قابلة التأثير. والنامية قابلة التغاير والتضاد ، والاستحالة من حالة إلى حالة ؛ والصورة هي التي لها العلم الأول في النبات ، يطلب الغذاء له ، ثم في الحيوان المحركة المتحركة إلى المآكل والمشارب والنكاح. وهي بذلك تطلب الالتذاذ والبقاء ؛ والعناية الإلهية تريد بها الخروج إلى الكمال الذي هو القامة الألفية ليخلص منها ما خلص إلى الكمال الثاني ، فذلك سبب امتزاج الهيولى والصورة لهذا المعنى ، لا لغيره فقط.
فصل : من ذلك في كيفية انفعال المكان والزمان ، وتكثف عالم الخلق والابتداء في ذلك بعون الله ومشيئته ، نقول :
إن عالم الخلق لما أظلم ووجب عليه الهبوط والتكثف والسقوط ، عما كان عليه امتزج بعضه ببعض ، وتراكم كتراكم الغيوم والضباب ، وامتزج ، فتحرك من ذاته بذاته حركة أولة بمحرك قاصد بذلك ما له أن يقصد بتأييد إلهي وأمر رباني ، فكانت تلك الحركة هي الطول الأول ،
__________________
(١) النشوء : النشأة في ج ، في النشو ط :.