في العرفان وكمال الوجدان ، فذكر الرضا بالسعي (١) ، ولذته فوق اللذائذ ، فانه لا لذة تفوق عند العامل لذة سروره بعمله ، ثم أتبعه بالتنزه عن اللغو وما لا فائدة فيه ، وهو أسمى ما يطلب الكامل أن يحيا به».
* * *
وهناك لون من «اللغو» أخبرنا القرآن الكريم ان الانسان لا يؤاخذ عليه ، وان كان البعد عنه أولى ، وذلك هو لغو الأيمان ـ جمع يمين ـ واللغو هنا هو ما لا يعتد به من الأيمان ، وما لا عقد عليه ، وذلك هو ما يجري وصلا الكلام بضرب من العادة ، وقد ذكر القرآن الكريم هذا في سورة البقرة فقال : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (٢).
قيل ان اليمين التي هي لغو هي قول الرجل في درج كلامه واستعجاله في المحاورة : لا والله ، وبلى والله ، دون قصد اليمين ، وغير معتقد لليمين ولا مريدها ، وعن عائشة رضي الله عنها أن أيمان اللغو هي ما كانت في المراء والجدل والمزاح والحديث الذي لا ينعقد عليه القلب. ولذلك يقول الشاعر :
ولست بمأخوذ بقول تقوله |
|
اذا لم تعمد عاقدات العزائم |
وقيل : هو ما يحلف به على الظن فيكون بخلاف ظنه ، وليس فيه كفارة ، وروي ان قوما تراجعوا القول عند الرسول صلىاللهعليهوسلم وهم يرمون بحضرته ، فحلف أحدهم : لقد أصبت ، وأخطأت يا فلان فاذا الامر بخلاف ذلك ، فقال الرجل : حنث يا رسول الله. فقال
__________________
(١) يقصد قوله تعالى في السورة : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ ، لِسَعْيِها راضِيَةٌ).
(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٢٥.