الفتوة ، وكثير منهم قد تحدثوا عن معاني الفتوة ومقوماتها : وممن أكثروا
الكلام في هذا الباب هؤلاء الاعلام : جعفر بن محمد ، والفضيل ابن عياض ، واحمد بن
حنبل ، وسهل بن عبد الله التستري ، والجنيد ، وحاتم الاصم ، وغيرهم.
وخير الفتيان
هو من يفقه الفتوة ، فيحسن تصويرها والتعبير عنها ، ثم يحسن التزامها والعمل بما
يوائمها ، فهذا هو الامام جعفر بن محمد الصادق ، يسأله سائل عن الفتوة ، فيقول
للسائل : ما تقول أنت؟. قال : ان اعطيت شكرت وان منعت صبرت ، فقال الامام : الكلاب
عندنا كذلك ، فقال السائل ، يا بن بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فما الفتوة عندكم؟
قال : ان
أعطينا آثرنا ، وان منعنا شكرنا.
وكذلك أقبل «عنوان
البصري» على الامام جعفر الصادق ، وسأله مرة بعد مرة أن يوصيه فأوصاه بوصية تتضمن
المثل الاعلى لاهل الفتوة ، قال : «أوصيك بتسعة اشياء ، فانها وصيتي لمن يريد
الطريق الى الله تعالى ، والله أسأل ان يوفقك : ثلاثة في رياضة النفس ، وثلاثة في
الحلم ، وثلاثة في العلم ، فأما اللواتي في الرياضة فاياك ان تأكل ما لا تشتهيه ،
فانه يورث الحماقة والبله ، ولا تأكل الا عند الجوع ، واذا أكلت فكل حلالا ، فان
رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يقول : «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، فان كان ولا
بد فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه».
وأما اللواتي
هن في الحلم ، فمن قال لك : ان قلت واحدة سمعت عشرا ، فقل له : ان قلت عشرا لم
تسمع واحدة ، ومن شتمك فقل : ان كنت صادقا فاسأل الله أن يغفر لي ، وان كنت كاذبا
فاسأل الله أن يغفر لك ، ومن توعدك فعده بالنصيحة والدعاء.