تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) فأجاب : «يغضوا أبصار لرؤس على المحرمات ، وأبصار القلوب عما سوى الله تعالى».
ويتحدث القشيري في «لطائف الاشارات» عن غض المؤمنين أبصارهم فيقول : «يغضوا من أبصار الظواهر عن المحرمات ، ومن أبصار القلوب عن الفكر الردية ، ومن تصور الغائب عن المعاينة ، ولقد قالوا : ان العين سبب الحين ، وفي معناه أنشدوا :
وأنت اذا أرسلت طرفك رائدا |
|
لقلبك ـ يوما ـ أتعبتك المناظر |
وقالوا : من أرسل طرفه اقتضى حتفه.
وان النظر الى الأشياء بالبصر يوجب تفرقة القلوب. ويقال ان العدو ابليس يقول : قوسي القديم ، وسهمي الذي لا يخطىء النظر. وأرباب المجاهدات اذا أرادوا صون قلوبهم عن الخواطر الردية لم ينظروا الى المحسات ، وهذا أصل كبير لهم في المجاهدة في أصول الرياضة.
ويقال : قرن الله النهي عن النظر الى المحارم بذكر حفظ الفرج فقال : (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) تنبيها على عظم خطر النظر ، فانه يدعو الى الاقدام على الفعل. ويقال قوم لا ينظرون الى الدنيا وهم الزهاد ، وقوم لا ينظرون الى الكون وهم أهل العرفان ، وقوم هم أهل الحفاظ والهيبة ، كما لا ينظرون بقلوبهم الى الأغيار لا يرون أنفسهم أهلا للشهود ، ثم الحق سبحانه يكاشفهم من غير اختيار منهم أو تعرض أو تكلف».
ثم تحدث عن غض المؤمنات أبصارهن فقال : «المطالبة عليهن كالمطالبة على الرجال لشمول التكليف للجنسين ، فالواجب عليهن ترك المحظورات ، والندب والنفل لهن صون القلب عن الشواغل والخواطر الردية ، ثم ان ارتقين عن هذه الحالة فالتعامي بقلوبهن عن غير المعبود ، والله يختص برحمته من يشاء».
اللهم زكّ نفوسنا فأنت خير من زكاها ، واحفظ من الانحراف حواسنا ، فأنت خير الحافظين.