على لسان ابنة شعيب : (قالت احداهما يا أبت استأجره انّ خير من استاجرت القوي الأمين) (١). وقولها «القوي» لأنه كان ـ فيما يروى ـ يحمل الصخرة لا يطيق حملها جمع من الرجال ، وقولها «الامين» لأنه كان ذا أمانة ، فقد رووا ان ابنة شعيب حينما سارت أمامه لتبلغ به مكان أبيها ، وصفت الريح جسمها ، فأنف موسى من ذلك ، وطلب اليها أن تمشي خلفه ، وتدله على الطريق ، حتى لا يتطلع الى جسمها والريح تلعب بثوبها حوله.
وأشار القرآن الى أمانة يوسف ، حيث جاء فيه على لسان العزيز ليوسف : (انك اليوم لدينا مكين أمين) (٢).
ولقد كان سيدنا محمد رسول الله مثلا أعلى في فضيلة الامانة ، حتى لقبه الناس منذ فتوته بقلب «الصادق الأمين» ، ومن الادلة على ذلك أنهم جعلوه حكما بينهم عند النزاع على وضع الحجر الأسود ، وقالوا عند ما رأوه : هذا هو الامين ، لقد رضيناه حكما بيننا ...
ومن هنا كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يستعيذ من الخيانة ـ وهي ضد الامانة ـ ويتحدث عنها كأنها سبع كاسر أو شر مستطير ، فيقول لربه : «أعوذ بك من الخيانة ، فانها بئس ال بطانة».
وقد أقسم القرآن بمكة في سورة التين فقال : () [١]. أي أنه بلد يحفظ من دخله ، كما يحفظ الامين ما يؤتمن عليه ، أو ان أهله آمنون.
ووصف الله تبارك وتعالى المؤمنين ، فقال فيما وصفهم به : (وَالَّذِينَ
__________________
(١) سورة القصص ، الآية ٢٦.
(٢) سورة يوسف ، الاية ٥٤.
(٣) سورة التين ، الاية ٣.