مشيئته هو ، كما قال تعالى : (وما تشاؤون الا ان
يشاء الله رب العالمين) .
فهنا ينفعه
شهود الجبر ، وأنه آلة محضة ، وأن فعله كحركات الأشجار وهبوب الرياح وأن المحرك له
غيره ، والفاعل فيه سواه. وأنه ميت ، والميت لا يفعل شيئا ، وأنه لو خلي ونفسه لم
يكن من فعله الصالح شيء ألبتة ، فان النفس جاهلة ظالمة ، طبعها الكسل وايثار الشهوات
والبطالة ، وهي منبع كل شر ، ومأوى كل سوء ، وما كان هكذا لم يصدر منه خير ، ولا
هو من شأنه.
فالخير الذي
يصدر منها انما هو من الله وبه ، لا من العبد ولا به ، كما قال تعالى : (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى
منكم من أحد أبدا ، ولكن الله يزكي من يشاء) . وقال أهل الجنة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي هَدانا لِهذا). وقال تبارك وتعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم : (ولولا أن ثبتناك لقد
كدت تركن اليهم شيئا قليلا) . وقال تعالى : (ولكن الله حبب اليكم
الايمان وزينه في قلوبكم) الآية.
فكل خير في
العبد فهو مجرد فضل الله ومنته ، واحسانه ونعمته ، وهو المحمود عليه ، فرؤية العبد
لأعماله في الحقيقة كرؤيته لصفاته الخلقية : من سمعه وبصره ، وادراكه ، وقوته ، بل
من صحته وسلامة أعضائه ، ونحو ذلك ، فالكل مجرد عطاء الله ونعمته وفضله.
فالذي يخلص
العبد من هذه الآفة معرفة ربه ، ومعرفة نفسه. والذي يخلصه من طلب العوض على العمل
علمه بأنه عبد محض ، والعبد
__________________