والعاصون يسارعون بندمهم بتجرع الحسرات ، فمن سارع بقدمه وجد مثوبته ، ومن سارع بهممه وجد قربته ، ومن سارع بندمه وجد رحمته». ويعود ليحدثنا عن أنواع السابقين المسارعين ، فيقول : «مسارع بقدمه من حيث الطاعات ، ومسارع بهممه من حيث المواصلات ، ومسارع بندمه من حيث تجرع الحسرات ، والكل مصيب ، وللكل من اقباله ـ على ما يليق بحاله ـ نصيب».
* * *
قد يقال : ألا تتعارض فضيلة المسارعة والمسابقة مع الحديث القائل : «العجلة من الشيطان»؟. ويجيب النيسابوري بأن الامور متفاوتة ، فمنها ما يحمد فيه التأخير ، لكونه مما يحصل على مهل وتدريج ، فلو طلب منه خلاف وضعه فات الغرض وضاع السعي ، أو لكونه غير معلوم العاقبة ، فيحتاج الى مزيد تدبر وتأمل.
ومنها ما يحمد فيه التعجيل والسرعة ، فيجب أن تنتهز فيه الفرصة وتغتنم ، فان الفرص تمر مر السحاب ، ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك».
واذا كانت مسابقة المؤمن مشروطة بأن تكون الى الخيرات وفي سبيل القربات ، فان اتباع الشيطان قد يتسابقون ويتنافسون ، ولكن في الآثام والكفران ، وهؤلاء لهم الويل والثبور عند الله جل جلاله ، والقرآن الكريم يقول في سورة آل عمران : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ