«المسارعة» ، لان السرعة ضد البطء ، ويقال : اسرع وسارع اي خف وبادر ، ومن ذلك قوله تعالى : (يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) (١) أي يمضون نحوها مسرعين ويبادرون اليها ، ويقال : هؤلاء مساريع في الحرب ، اي جمع مسراع ، وهو الشديد الاسراع الى النضال. وكذلك كلمة «المبادرة». يقال : بادر الانسان الشيء مبادرة وبدارا ، اي عاجله وأسرع اليه ، ويقرب من معنى «المسابقة» معنى «المنافسة» ، وقد عرفوا المنافسة بانها مجاهدة النفس للتشبه بالافاضل ، والاجتهاد في اللحوق بهم دون الحاق ضرر بالغير ، والقرآن المجيد يقول في سورة المطففين : (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) (٢) ، أي فليرغب الراغبون ، وليتبادر المتبادرون.
* * *
وقد تحدث كتاب الله الحكيم في مواضع عن المسابقة الى الخيرات ، او المسارعة اليها ، فكان حديثه معطرا بنفحات التكريم والتمجيد ، حيث دعا دعوة قوية الى تحلي ابنائه بفضيلة المبادرة الى انتهاز الفرص في عمل الخير ، لان الحياة غير مأمونة ، والآجال غير معلومة ، وما يمكن اليوم قد لا يمكن غدا ، واليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل ، كما قال الامام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه.
ولو رجعنا الى سنة رسول الله عليه الصلاة والسّلام لوجدناها قد كررت عبارة : «بادروا بالاعمال» ، ومن ذلك الحديث الذي يقول : «بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي
__________________
(١) سورة الانبياء ، الآية ٩٠.
(٢) سورة المطففين ، الآية ٢٦.