إنه قتال يسبقه إعلان ، وتخيير بين : قبول الإسلام ، أو أداء الجزية ، أو القتال .. ويسبقه نبذ العهد إن كان هناك عهد ـ في حالة الخوف من الخيانة ـ (والأحكام النهائية تجعل العهد لأهل الذمة الذين يقبلون مسالمة الإسلام وأداء الجزية ؛ ولا عهد في غير هذه الحالة إلا أن يكون بالمسلمين ضعف يجعل الحكم المتعين في حالتهم هذه هو الحكم المرحلي الذي كان في حالة تشبه الحالة التي هم فيها).
وهذه آداب المعركة كلها ، من وصية رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
* «عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا أمر الأمير على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغزوا باسم الله ، في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. ادعهم إلى الإسلام. فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم ، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم من الغنيمة والفيء شيء ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. وإن هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. فإن أبوا فاستعن بالله تعالى عليهم وقاتلهم ...» ... (أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي).
* وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فنهى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن قتل النساء والصبيان» .. (أخرجه الشيخان).
وأرسل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ إلى أهل اليمن معلما فكانت وصيته له :
«إنك تأتي قوما أهل كتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله. فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم بأن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم بأن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، فترد على فقرائهم. فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».
وأخرج أبو داود ـ بإسناده ـ عن رجل من جهينة. أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «لعلكم تقاتلون قوما فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وذراريهم ، فيصالحونكم على صلح ، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك ، فإنه لا يصلح لكم».
وعن العرباض بن سارية قال : «نزلنا مع رسول الله قلعة خيبر ، ومعه من معه من المسلمين. وكان صاحب خيبر رجلا ماردا متكبرا. فأقبل إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا محمد! لكم أن تذبحوا حمرنا ، وتأكلوا ثمرنا ، وتضربوا نساءنا؟ فغضب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال : يا ابن عوف اركب فرسك ، ثم ناد : إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن وأن اجتمعوا للصلاة. فاجتمعوا ، ثم صلى بهم ، ثم قام فقال : أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله تعالى لم يحرم شيئا إلا ما في القرآن! ألا وإني قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء ، إنها لمثل القرآن أو أكثر. وإن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ، ولا ضرب نسائهم ، ولا أكل ثمارهم ، إذا أعطوا الذي عليهم».