«والسابيليين» الذين كانوا يعتقدون أن الأب والابن والروح القدس إنما هي صور مختلفة أعلن بها الله نفسه للناس «والأريوسيين» الذين كانوا يعتقدون أن الابن ليس أزليا كالأب بل هو مخلوق منه قبل العالم ، ولذلك هو دون الأب وخاضع له ، «والمكدونيين» الذين أنكروا كون الروح القدس أقنوما.
«وأما تعليم الكنيسة فقد قرره المجمع النيقاوي سنة ٣٢٥ للميلاد ، ومجمع القسطنطينية سنة ٣٨١ وقد حكما بأن الابن والروح القدس مساويان للأب في وحدة اللاهوت ، وأن الابن قد ولد منذ الأزل من الأب ، وأن الروح القدس منبثق من الأب ، ومجمع طليطلة المنعقد سنة ٥٨٩ حكم بأن الروح القدس منبثق من الابن أيضا ، وقد قبلت الكنيسة اللاتينية بأسرها هذه الزيادة وتمسكت بها ، وأما الكنيسة اليونانية فمع أنها كانت في أول الأمر ساكتة لا تقاوم قد أقامت الحجة فيما بعد على تغيير القانون حاسبة ذلك بدعة.
«وعبارة (ومن الابن أيضا) لا تزال من جملة الموانع الكبرى للاتحاد بين الكنيسة اليونانية والكاثوليكية ، وكتب اللوثيريين والكنائس المصلحة أثبتت تعليم الكنيسة الكاثوليكية للثالوث على ما كان عليه من دون تغيير ، ولكن قد ضاد ذلك منذ القرن الثالث عشر جمهور كبير من اللاهوتيين وعدة طوائف جديدة كالسوسينيانيين والجرمانيين والموحدين والعموميين وغيرهم حاسبين ذلك مضادا للكتاب المقدس والعقل ، وقد أطلق «سويد تيراغ» الثالوث على أقنوم المسيح معلما بثالوث. ولكن لا ثالوث الأقانيم بل ثالوث الأقنوم. وكان يفهم بذلك أن ما هو إلهي في طبيعة المسيح هو الأب ، وأن الإلهي الذي اتحد بناسوت المسيح هو الابن ، وأن الإلهي الذي انبثق منه هو الروح القدس ، وانتشار مذهب العقليين في الكنائس اللوثيرية والمصلحة أضعف مدة من الزمان اعتقاد الثالوث بين عدد كبير من اللاهوتيين الجرمانيين.
«وقد ذهب (كنت) إلى أن الأب والابن والروح القدس إنما تدل على ثلاث صفات أساسية في اللاهوت ، وهي القدرة والحكمة والمحبة ، أو على ثلاثة فواعل عليا وهي الخلق والحفظ والضبط ، وقد حاول كل من هيجين وشلنغ أن يجعلا لتعليم الثالوث أساسا تخيليا وقد اقتدى بهما اللاهوتيون الجرمانيون المتأخرون ، وحاولوا المحاماة عن تعليم الثالوث بطرق مبنية على أسس تخيلية ولاهوتية ؛ وبعض اللاهوتيين الذين يعتمدون على الوحي لا يتمسكون بتعليم استقامة الرأي الكنائسية بالتدقيق كما هي مقررة في مجمعي نيقية والقسطنطينية المسكونيين ، وقد قام محامون كثيرون في الأيام المتأخرة لعضد آراء السابيليين على الخصوص» ا ه.
ومن هذا العرض المجمل المفيد ، يتبين أن جميع الطوائف والمذاهب المسيحية الكنسية لا تدين دين الحق ، الذي يقوم على توحيد الله سبحانه ؛ وعلى أنه ليس كمثله شيء ؛ وأنه لا ينبثق منه ـ سبحانه ـ أحد!
وكثيرا ما ذكر «الأريوسيون» على أنهم «موحدون» وإطلاق اللفظ هكذا مضلل فالآريوسيون لا يوحدون التوحيد المفهوم من دين الله الحق ، إنما هم يخلطون! فبينما هم يقررون أن المسيح ليس أزليا كالله ـ وهذا حق ـ ـ يقررون في الوقت نفسه أنه (الابن)! وأنه مخلوق من (الأب) قبل خلق العالم! وهذا لا يعتبر من «التوحيد» الحقيقي في شيء!
ولقد صدر حكم الله بالكفر الصريح على من يقولون : المسيح ابن الله. وعلى من يقولون : المسيح هو الله. وعلى من يقولون : إن الله ثالث ثلاثة. ولا تجتمع صفة الكفر وصفة الإيمان في عقيدة ، ولا في قلب. إنما هما أمران مختلفان!
والتعقيب القرآني على قول اليهود : «عزير ابن الله». وقول النصارى : «المسيح ابن الله» يثبت أنهم