بآخر رمق ، فعرفته فوضعت رجلي على عنقه ، قال وقد كان خبث بي مرة بمكة فآذاني ولكزني (أي قبض عليّ ولزمني) ثم قلت له : هل أخزاك الله يا عدو الله؟ قال : وبماذا أخزاني؟ أأعمد من رجل قتلتموه (يريد أكبر من رجل قتلتموه؟) أخبرني لمن الدائرة اليوم؟ قال. قلت لله ورسوله.
قال ابن إسحاق : وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول : قال لي : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم. قال : ثم احتززت رأسه ؛ ثم جئت به رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقلت : يا رسول الله ، هذا رأس عدو الله أبي جهل. قال : فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الله الذي لا إله غيره» ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فحمد الله.
قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم بالمغازي ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسعيد بن العاص ـ ومر به ـ إني أراك كأن في نفسك شيئا. أراك تظن أني قتلت أباك! إني لو قتلته لم أعتذر إليك من قتله ؛ ولكني قتلت خالي العاص بن هشام ابن المغيرة. فأما أبوك فإني مررت به ، وهو يبحث بحث الثور بروقه (أي بقرنه) فحدت عنه. وقصد له بن عمه علي فقتله!
قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها. قالت : لما أمر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه ، إلا ما كان من أمية بن خلف. فإنه انتفخ في درعه فملأها ، فذهبوا ليحركوه. فتزايل لحمه ، فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة ، فلما ألقاهم في القليب ، وقف عليهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : «يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا» قالت : فقال له أصحابه : يا رسول الله ، أتكلم قوما موتي؟ فقال لهم : «لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق» قالت عائشة : والناس يقولون : «لقد سمعوا ما قلت لهم» وإنما قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد علموا».
قال ابن إسحاق : ولما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهم أن يلقوا في القليب ، أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فيما بلغني ـ في وجه أبي حذيفة بن عتبة ، فإذا هو كئيب قد تغير. فقال : «يا أبا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء» أو كما قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : لا والله يا رسول الله ، ما شككت في أبي ولا في مصرعه ، ولكني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا ، فكنت أرجو أن يهديهه ذلك إلى الإسلام ، فلما رأيت ما أصابه ، وذكرت مامات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له ، أحزنني ذلك. فدعا له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخير ، وقال له خيرا ..
ثم إن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أمر بما في العسكر مما جمع الناس فجمع ، فاختلف المسلمون فيه. فقال من جمعه : هو لنا. وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه : والله لو لا نحن ما أصبتموه ، لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم. وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مخافة أن يخالف إليه العدو : والله ما أنتم بأحق به منا ، لقد رأينا المتاع حين لم يكن دونه ما يمنعه ، ولكنا خفنا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كرة العدو ، فقمنا دونه ، فما أنتم بأحق به منا.
قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان بن موسى ، عن مكحول ، عن أبي أمامة الباهلي ، قال سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال. فقال فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا ، فجعله إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ