بصورة موضوعية على الاحتجاج والمناظرة مع خصومه ، ولم يفتح معهم باب الحرب إلاّ بعد أن انسدّت معهم نوافذ السلم ، وأعلنوا العصيان المسلّح عليه ، وكان ذلك مكشوفا في حربه مع أهل الجمل وصفّين والنهروان ، فقد بغوا عليه ، وتمرّدوا على حكومته ، ولم تجد معهم أي وسيلة من وسائل الصلح وحقن الدماء.
٧
أمّا الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فهو من أوسع الناس افقا وأكثرهم استيعابا لجميع مباحث العلوم ، كما كان أخبرهم في المسائل الكلامية ، فقد ناظر الخلفاء وأفحمهم ، وناظر علماء الأديان السماوية وألحق بهم هزيمة ساحقة ، فقد علم مناطق الضعف والزيف في أناجيلهم وتوراتهم فوضعها بين أيديهم ، فلم يستطيعوا الدفاع عن أديانهم ووقفوا واجمين أمام منطقه الفيّاض ، معترفين بعجزهم خاضعين لملكاته وقدراته العلمية.
ومن المؤكد أنّه لم يملك أي أحد من الصحابة وغيرهم ما يملك الإمام من المواهب والعبقريات التي فاق بها على غيره.
٨
ويحفل هذا الجزء من موسوعة حياة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام باحتجاجاته ومناظراته ، وهي تحمل طابعا فكريا وعلميا وتعدّ في طليعة البحوث الكلامية خصوصا في مناظراته مع علماء النصارى واليهود ، فقد تجلّى فيها الإبداع والأصالة وعمق المناهج العلمية التي استدلّ بها الإمام عليهالسلام ، والتي اقتبس منها بعض علماء المسلمين الذين قصدوا للردّ على علماء النصارى واليهود وبيان فساد معتقداتهم.