فولي الأمر قوم لم يألوا في أمرهم اجتهادا ، ثمّ انتقلوا إلى دار الجزاء ، والله وليّ تمحيص سيّئاتهم ، والعفو عن هفواتهم » (١).
وقد عزى الإمام سكوته عن أخذ حقه من الذين اغتصبوه إلى الحفاظ على كلمة المسلمين ، وعدم اراقة دمائهم ، خصوصا في تلك الظروف التي كان الإسلام في أوّل مراحله ، وإثارة الفتنة توجب إعراض الناس عن الإسلام واعتناق أديانهم التي كانوا يدينون بها.
كما تحدّث الإمام عمّا لحقه من ضيم وأذى من جراء ما اقترفه القوم تجاهه يقول عليهالسلام :
« فإنّه لمّا قبض الله نبيّه صلىاللهعليهوآله قلنا : نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون النّاس ، لا ينازعنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقّنا طامع ، إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيّنا ، فصارت الإمرة لغيرنا ، وصرنا سوقة ؛ يطمع فينا الضّعيف ، ويتعزّز علينا الذّليل ، فبكت الأعين منّا لذلك ، وخشنت الصّدور ، وجزعت النّفوس ، وأيم الله لو لا مخافة الفرقة بين المسلمين ، وأن يعود الكفر ويبور الدّين لكنّا على غير ما كنّا لهم عليه » (٢).
وحكت هذه الكلمات الآلام المرهقة التي عانتها الاسرة النبوية من جرّاء اقصاء الخلافة عنهم ، وتسلّم القرشيين لها الذين امعنوا في ظلمهم واذلالهم.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٣٠٨.
(٢) المصدر السابق ١ : ٣٠٧.