( الَّذِينَ آمَنُوا
وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ
مُهْتَدُونَ )
.
وبقوله
: ( مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ
وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ )
، وللإيمان حالات
ومنازل يطول شرحها. ومن ذلك أنّ الإيمان قد يكون على وجهين :
إيمان
بالقلب وإيمان باللّسان ، كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول الله لمّا قهرهم
بالسّيف ، وشملهم الخوف فإنّهم آمنوا بألسنتهم ، ولم تؤمن قلوبهم ، فالإيمان
بالقلب هو التّسليم للرّبّ ، ومن سلّم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره ، كما
استكبر إبليس عن السّجود لآدم ، واستكبر أكثر الامم عن طاعة أنبيائهم ، فلم ينفعهم
التّوحيد ، كما لم ينفع إبليس ذلك السّجود الطّويل ، فإنّه سجد سجدة واحدة أربعة
آلاف عام ، ولم يرد بها غير زخرف الدّنيا ، والتّمكين من النّظرة ، فلذلك لا تنفع
الصّلاة والصّدقة إلاّ مع الاهتداء إلى سبيل النّجاة ، وطرق الحقّ ، وقد قطع الله
عذر عباده بتبيين آياته ، وإرسال رسله ، لئلا يكون للنّاس على الله حجّة بعد
الرّسل ، ولم يخل أرضه من عالم بما تحتاج إليه الخليقة ، ومتعلّم على سبيل النّجاة
، اولئك هم الأقلّون عددا ، وقد بيّن الله ذلك في امم الأنبياء وجعلهم مثلا لمن
تأخّر ، مثل قوله في قوم نوح : ( وَما آمَنَ مَعَهُ
إِلاَّ قَلِيلٌ )
.
__________________