ولكل قول سنده من أفعال أو من أقوال الرسول صلىاللهعليهوسلم .. على طريقة الاختلافات الفقهية في الفروع.
والذي نرجحه في معنى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) أنه كناية عن الفعل الذي يستوجب الغسل. وبذلك نستغني هنا عن كل الخلافات في مسألة الوضوء ..
وفي جميع هذه الحالات المذكورة ، سواء كانت الحالة تستوجب الغسل أو تستوجب الوضوء للصلاة .. حين لا يوجد الماء ـ وكذلك حين يوجد ولكن استعماله يكون ضارا أو غير مقدور عليه ـ يغني عن الغسل والوضوء : التيمم. وقد جاء اسمه من نص الآية.
(فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ..
أي فاقصدوا صعيدا طيبا .. طاهرا .. والصعيد كل ما كان من جنس الأرض من تراب. أو حجر. أو حائط. ولو كان التراب مما على ظهر الدابة. أو في الفراش من ذرات التراب المتطاير. متى كان هناك تراب يتطاير عند ضرب اليدين به.
وطريقة التيمم : إما خبطة واحدة بالكفين على الصعيد الظاهر. ثم نفضهما. ثم مسح الوجه. ثم مسح اليدين إلى المرفقين بهما .. وإما خبطتان : خبطة يمسح بها الوجه ، وخبطة يمسح بها الذراعان .. ولا داعي هنا لذكر الخلافات الفقهية الدقيقة فيما وراء هذا .. فهذا الدين يسر ، وفي شرعية التيمم يتجلى معنى التيسير واضحا : (إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) ..
وهو التعقيب الموحي بالتيسير. وبالعطف على الضعف ، وبالمسامحة في القصور. والمغفرة في التقصير ..
* * *
وقبل أن ننهي الحديث عن هذه الآية وعن هذا الدرس .. نقف أمام بضع لمسات في هذه الآية القصيرة : نقف أمام «حكمة التيمم». نحاول استيضاح ما ييسره لنا الله من حكمتها ..
إن بعض الباحثين في حكمة التشريعات والعبادات الإسلامية ، يندفعون أحيانا في تعليل هذه الأحكام ؛ بصورة توحي بأنهم استقصوا هذه الحكمة ؛ فلم يعد وراء ما استقصوه شيء! وهذا منهج غير سليم في مواجهة النصوص القرآنية والأحكام التشريعية .. ما لم يكن قد نص على حكمتها نصا .. وأولى : أن نقول دائما : إن هذا ما استطعنا أن نستشرفه من حكمة النص أو الحكم. وأنه قد تكون دائما هنالك أسرار من الحكمة لم يؤذن لنا في استجلائها! وبذلك نضع عقلنا البشري ـ في مكانه ـ أمام النصوص والأحكام الإلهية. بدون إفراط ولا تفريط ..
أقول هذا ، لأنّ بعضنا ـ ومنهم المخلصون ـ يحبون أن يقدموا النصوص والأحكام الإسلامية للناس ، ومعها حكمة محددة ، مستقاة مما عرفه البشر من واقعهم أو مما كشف عنه «العلم الحديث»! وهذا حسن ـ ولكن في حدود ـ هي الحدود التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة.
وكثيرا ما ذكر عن حكمة الوضوء ـ قبل الصلاة ـ أنها النظافة ..
وقد يكون هذا المعنى مقصودا في الوضوء. ولكن الجزم بأنه هو .. وهو دون غيره .. هو المنهج غير السليم. وغير المأمون أيضا :
فقد جاء وقت قال بعض المماحكين : لا حاجة بنا إلى هذه الطريقة البدائية : فالنظافة الآن موفورة. والناس