أن حنظلة الأنصاري (الملقب بحنظلة الغسيل) شد على أبي سفيان ، فلما تمكن منه حمل على حنظلة شداد ابن الأسود فقتله. وكان جنبا. فإنه لما سمع صيحة الحرب وهو مع امرأته ، قام من فوره إلى الجهاد. فأخبر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أصحابه أن الملائكة تغسله. ثم قال : سلوا أهله ما شأنه؟ فسألوا امرأته ، فأخبرتهم الخبر!
وقال زيد بن ثابت : بعثني رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوم أحد أطلب سعد بن الربيع. قال : فجعلت أطوف بين القتلى ، فأتيته وهو بآخر رمق ، وبه سبعون ضربة ، ما بين طعنة برمح ، وضربة بسيف ، ورمية بسهم. فقلت : يا سعد. إن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : أخبرني كيف تجدك؟ فقال : وعلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ السلام. قل له : يا رسول الله أجد ريح الجنة. وقل لقومي الأنصار : لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وفيكم عين تطرف .. وفاضت نفسه من وقته.
ومن رجل من المهاجرين برجل من الأنصار ، وهو يتشحط في دمه ، فقال : يا فلان. أشعرت أن محمدا قد قتل؟ فقال الأنصاري : إن كان محمد قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عن دينكم.
وقال عبد الله بن عمرو بن حرام : رأيت في النوم ، قبل أحد ، مبشر بن عبد المنذر يقول لي : أنت قادم علينا في أيام. فقلت. وأين أنت؟ فقال : في الجنة ، نسرح فيها حيث نشاء. قلت له ألم تقتل يوم بدر؟ فقال : بلى. ثم أحييت. فذكرت ذلك لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : «هذه الشهادة يا أبا جابر» ..
وقال خيثمة ـ وكان ابنه قد استشهد مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوم بدر : لقد أخطأتني وقعة بدر ، وكنت والله عليها حريصا ، حتى ساهمت ابني في الخروج ، فخرج سهمه ، فرزق الشهادة. وقد رأيت البارحة ابني في النوم في أحسن صورة ، يسرح في ثمار الجنة وأنهارها يقول : الحق بنا ترافقنا في الجنة ، فقد وجدت ما وعدني ربي حقا. وقد ـ والله يا رسول الله ـ أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة. وقد كبرت سني ، ورق عظمي ، وأحببت لقاء ربي. فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة ، ومرافقة سعد في الجنة. فدعا له رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بذلك. فقتل بأحد شهيدا.
وقال عبد الله بن جحش في ذلك اليوم : اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غدا ، فيقتلوني ، ثم يبقروا بطني ، ويجدعوا أنفي وأذني. ثم تسألني فيم ذلك؟ فأقول : فيك!
وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج ، وكان له أربعة بنين شباب ، يغزون مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا غزا. فلما توجه إلى أحد أراد أن يتوجه معه ، فقال له بنوه : إن الله قد جعل لك رخصة ، فلو قعدت ونحن نكفيك! وقد وضع الله عنك الجهاد. فأتى عمرو بن الجموح رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا رسول الله. إن بنيّ هؤلاء يمنعونني أن أخرج معك. والله إني لأرجو أن أستشهد ، فأطأ بعرجتي هذه في الجنة. فقال له رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد». وقال لبنيه : «وما عليكم أن تدعوه؟ لعل الله عزوجل أن يرزقه الشهادة؟» .. فخرج مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقتل يوم أحد شهيدا.
وفي مضطرب المعركة نظر حذيفة بن اليمان إلى أبيه والمسلمون يريدون قتله ، لا يعرفونه ، وهم يظنونه من المشركين. فقال حذيفة : أي عباد الله ، أبي. فلم يفهموا قوله حتى قتلوه. فقال : يغفر الله لكم. فأراد