ملائكة مدبرات امرا ، فمعنى قولنا «طلعت الشمس» أو جدت الشمس الطلوع لجرمها ، وإن كان هذا الايجاد والجعل بتبع الحركة لا بالذات ، كما انا اذا قلنا «طلع زيد أو خرج من الدار» فليس معناه أن غير زيد أوجد الخروج والطلوع فيه فيكون قابلا ، بل معناه أن زيدا نفسه أوجد الخروج أو الطلوع.
فظهر أنه لا فرق بين قولنا «أنبت الربيع البقل» وبين «طلعت الشمس» وظهر أنه لا مغالطة ولا خلط. وإن أغمضنا عما ذكرنا وقلنا بكون ما ذكره قوم توهما وخلطا وغلطا فليس منشأ الخلط والمغالطة ما ذكره «قده» كما ظهر مما ذكرنا ، بل المنشأ عدم الفرق بين ما هو له بالمعنى الاعم من الموجد والمعد والقابل وبين المعنى الأخص وهو الموجد ، فمرادنا هو المعنى الأعم فتوهم المتوهم المعنى الأخص ، فاذا كان المبدأ الاشتقاقي دالا على الايجاد واسند الى الموجد الحقيقي أو كان دالا على الاعداد واسند الى المعد او كان دالا على القبول واسند الى القابل فهو اسناد الى ما هو له ، ولا يكون مجازا عقليا ، واذا اختلف المبدأ الذي هو المسند والمسند اليه بأي نحو من هذه الاختلافات يكون مجازا عقليا ، ففي قولنا «سرني رؤيتك» لما كان السرور أعم من الايجاد والاعداد حسب الفرض ، فاذا أوجد الاعداد وأسند الى الرؤية التي هي معد تكون حقيقة عقلية لا مجازا عقليا. والمتوهم لما توهم أنه يلزم أن يكون ما هو له ـ وهو المسند اليه ـ فاعلا حقيقيا وموجدا في كل مورد توهم أن الاسناد مجاز عقلي. وقس عليه الحال في «طلعت الشمس» حيث أن الطلوع للقبول وأسند الى القابل وهو الشمس فيكون حقيقة عقلية ، والمتوهم لما نظر الى أن الشمس ليست موجدا حقيقيا فقال بالمجاز العقلي.