وهذا لعله بمكان من الوضوح والظهور لا يحتاج الى اقامة برهان عليه ، اذ من المعلوم الواضح أن ليس في الذهن الا المعلوم بالذات ، فهو إن لوحظ باعتبار كونه منكشفا بالذات لا بواسطة صورة يسمى معلوما ومدركا ، وإن لوحظ كونه انكشافا وظهورا وانجلاء يسمى علما. وحينئذ فاذا كان العلم عين المعلوم بالذات الذي هو مختلف نوعا متكثر ذاتا يكون العلم أيضا كذلك ، لأن حكم احد المتحدين يسري الى الآخر ، فحينئذ يكون العلم مقولا على كثيرين مختلفين بالحقيقة ، فيكون جنسا.
هذا غاية توضيح المقام وتصحيح المرام. وفيه : أن الأشياء ـ وإن قلنا بحصولها بحقائقها في الذهن ، وقلنا بأن العلم هو الصورة الحاصلة من الشيء عند العقل ، وقلنا بأن صورة الشيء مهيته التي هو بها هو ـ إلا أن تلك الحقائق والمهيات الحاصلة عند العقل هي المفاهيم والمهيات اللابشرطية الغير الملحوظة معها شيء حتى وجودها الخاص بها الذي يكون منشأ للآثار فهي أنفسها بالحمل الأولي الذاتي ، فيكون اختلافها بحسب هذا الحمل ، وأما بحسب الحمل الشائع الصناعي فليست الا علما ولا يكون إلّا حقيقة واحدة ، وليس مقولا على حقائق متخالفة.
نعم المفاهيم المتخالفة تكون عين العلم ، لا انها تكون حقائق متخالفة وطبائع تكون مترتبا عليها آثارها يكون العلم مقولا عليها حتى يكون جنسا لها ـ فافهم بعون الله تعالى ان كنت من اهله.
قوله «قده» : وبمنزلة الجنس أيضا.
مقصوده من كلمة «أيضا» تكرير محمول آخر للعلم لا تكرير خصوص كونه بمنزلة الجنس ، إذ لم يسبق احتماله ، فالكلام مثل أن يقال «زيد عالم وهاشمي أيضا».