الدليل لفظا والمدلول ايضا لفظا لا يستلزم اتحاد الدليل والمدعى وإلّا لزم الاتحاد فيما اذا كانت النتيجة والمطلوب قضية معقولة ، والدليل والقياس أيضا من القضايا المعقولة لكونهما معقولين ، بل لا بد في الاتحاد من كونهما واحدا.
وليس الامر فيما نحن فيه كذلك لأنه لا شبهة في أن النتيجة معلومة اجمالا قبل اخذها من المقدمات كما بيناه وفصلناه وشرحناه آنفا بما لا مزيد عليه.
ومن المعلوم الواضح أن الدليل لا يكون إلّا قولا مؤلفا ، واطلاق الأصوليين الدليل على المفرد كالعالم تسامح ، حيث انه من الواضح أن التصور ـ وهو المفرد ـ لا يكون كاسبا للنتيجة والتصديق ، اذ التصديق لا يكتسب الا من التصديق ، اذ من البديهي انه لا بد في ثبوت الأكبر للاصغر من وجود ملزوم للاكبر يكون لازما للاصغر يجعل أوسط فى القياس ويجعل الاكبر محمولا لذلك الملزوم الذي هو لازم ومحمول للاصغر ـ كما في الشكل الأول المسمى عندهم بالقياس الكامل ـ لتنقل الذهن الى ثبوت الأكبر للأصغر كما لا يخفى ، واذا كان الأمر كذلك فلا محالة يكون المطلوب والنتيجة قضية اخرى وراء القضيتين اللتين هما الصغرى والكبرى ، ولا شبهة في أن العلم الاجمالي بالنتيجة ليس إلّا العلم الحاصل بها في ضمن الكبرى كما مر عليك ذكره وبيانه ، وأما العلم التفصيلي بالنتيجة فليس إلّا حاصلا من المقدمتين ، ولا ريب في أن العلم التفصيلى بها غير العلم التفصيلي بالمقدمتين كما انها غيرها.
وحينئذ نقول : إذا كانت النتيجة المطلوبة هي أن الصلاة واجبة وفرضناها خطابا لفظيا فلا ريب في أن القياس المنتج لها ينبغي أن ينظم هكذا : الصلاة مما امر الله تعالى بها بالخطاب اللفظي ، وكلما امر به بالخطاب اللفظي فهو واجب بالخطاب اللفظي ، ينتج ان الصلاة واجبة بالخطاب اللفظي ، وأما قولنا تعليلا لوجوب الصلاة لقوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) فبيان للصغرى وليس