فيحصل التفكيك في النسبة ، بل يطرق اشكال آخر وهو انه اذا كان النظر الى المدرك فينبغي أن تسمى الكل بالعقلية ، فالاولى أن يقال : الدلالة إما ذاتية وإما وضعية.
والذي يمكن ان يقال في حل الاشكالات : إن العلقة إما أن تكون حاصلة بلا مدخلية لاحد من الحيوانات ـ كما في النار والدخان ـ وإما ان تكون حاصلة معها ، وهذه إما أن تكون على وتيرة واحدة كما فى دلالة «اخ» على التضجر حيث أن فاعل التلفظ بأخ هو طبع المتضجر ، والطبع وان كان فاعلا بالتسخير ويكون مسخرا للنفس إلّا انه لا يصدر منه الفعل الا على وتيرة واحدة وطريقة فاردة ، وإما أن يكون لا على وتيرة واحدة بل يختلف بحسب اختلاف الايرادات والاشواق. فانحل الإشكال الاول وظهر وجه المقابلة.
وأما الاشكال الثاني والثالث فيمكن أن يقال : ان المراد بالعقلية ما كان جاعل الملزوم واللازم هو الله تعالى ، وهذا نظير انهم يقسمون السبب والشرط في مبحث مقدمة الواجب الى شرعي وعقلي وعادي. ولا ريب في أن المراد بالعقلي هناك ما يكون سببا او شرطا بدون مدخلية شرع أو عادة ، لان المراد به ما ادركه العقل ، فتكون النسبة في الكل على نهج واحد ويكون النظر الى الجاعل في الكل دون المدرك.
وليعلم أن المراد بالطبع في الدلالة الطبعية ليس طبع اللفظ ، إذ دلالة الالفاظ على معانيها ليست ذاتية ولا طبع السامع لعدم استقامته في اصوات الحيوانات بالنظر الى السامع الانساني ، فتعين ان يكون المراد طبع المتكلم واللافظ ـ فتبصر.