حرمة القول بالرأي في تعيين مدلول كلام الشارع ، (١٤٤) فإذا دل دليل على التخيير في مقام العمل ، فلا منافاة بينه وبين تلك الاخبار. والشاهد على ذلك أيضا قولهم عليهمالسلام ـ بعد الأمر بالتوقف في بعض الاخبار ـ (ولا تقولوا فيه بآرائكم) وإن أبيت عن الانصراف المذكور ، يمكن ان يقال أن مدلول اخبار التوقف أعم مطلقا من مدلول اخبار التخيير ، لأن الأول يرجع إلى النهي عن أمور : (منها) ـ القول بغير العلم في مدلول الخبرين ، و (منها) ـ الأخذ بخبر خاص حجة ، على أنه هو الحجة لا غير. و (منها) ـ أخذ أحدهما حجة على سبيل التخيير. واخبار التخيير تدل على جواز الأخير ، فيجب تقييد تلك الأدلة بها.
ومما ذكرنا ظهر ما فيما أفاده شيخنا المرتضى قدسسره في الرسالة من دلالة اخبار التوقف على الاحتياط في العمل بالاستلزام. ووجّه ذلك شيخنا الأستاذ دام بقاؤه : بأن الاحتياط في العمل لا يحتاج إلى فتوى بشيء أصلا ، بخلاف العمل على البراءة ، فانه لا بد من الفتوى بها. ثم ناقش في ذلك بمنع الاستلزام ، إذ يكفى في العمل بالبراءة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، بلا إفتاء
______________________________________________________
(١٤٤) هذا الحمل وإن كان غير بعيد بالنسبة إلى بعض الاخبار ، لكن بعضها غير صالح لذلك الحمل ، مثل مقبولة عمر بن حنظلة ، حيث أن المسئول عنه في الرواية العمل بقول الراوي ، حيث قال : (قلت فكيف يصنعان؟ فعيّن الإمام عليهالسلام وظيفته في مقام العمل ، إلى أن بلغ كلام الراوي إلى قوله : قلت : فان وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ فقال عليهالسلام : إذا كان كذلك ، فأرجه حتى تلقى إمامك ، فان الوقوف .. (١).
ومعلوم أن ذلك لا ربط له بمقام الدلالة وترجيح الاحتمال ، وإن شئت فراجع ، فان فيها موارد يظهر منها خلاف ذلك.
__________________
(١) وسائل الشيعة الجزء ١٨ ـ الباب ٩ من الباب صفات القاضي ـ الحديث ٣