فيما لم يتطرق إليه التوجيه والحمل ، كالنصين. وأما الجمع بين مفاد قولي الشاهدين ، فينحصر في الثاني. أما إذا كان القولان نصين ، فواضح وأما إذا كانا ظاهرين أو أحدهما ظاهرا والآخر نصا ، فلان الجمع بهذا المعنى يتجه فيما إذا كان المتكلم واحدا أو في حكم الواحد (١٤٠) واما في صورة تعدد المتكلم ، فلا وجه للتصرف في ظاهر كلام أحدهما ، لنصوصية كلام الآخر أو أظهريته.
إذا عرفت هذا فنقول إن سلمنا كون القاعدة المعروفة موردا للإجماع ، فلا محيص في أمثال المقام من الأخذ بمفاد بعض قول كل منهما ، وطرح البعض الآخر ، لأن طريق الجمع منحصر في ذلك. ولا بد من الجمع بحكم القاعدة المفروض كونها إجماعية؟ وان لم نقل بذلك ـ كما هو الحق ، وقلنا بعدم الدليل على ذلك إلا في الدليلين اللذين لم يتحير العرف في استكشاف المراد منهما ، بعد فرض صدورهما ـ فاللازم التمسك بدليل آخر في أمثال المقام.
والّذي يمكن أن يكون وجها للحكم بالتنصيف في المسألة المذكورة ونظائرها ، هو أنا نعلم بوجوب فصل الخصومة على الحاكم. ولا وجه لأن يحكم لأحدهما على الآخر ، فالحكم بالعدل عرفا أن يحكم بالتنصيف.
ويمكن أن يستظهر ذلك أيضا من الرواية الواردة في الدرهم ، إلا أن يقال ان الحكم الوارد في الدرهم قضية في واقعة ، ولا يستكشف منها عموم الحكم لكل مال مردد بين اثنين. والوجه الأول لا بأس به ، إذا لم يكن في البين طريق شرعي لتعيين الواقع. وقد جعل الشارع القرعة لكل امر مشكل ، والمسألة محتاجة إلى مزيد تأمل.
ثم إنك قد عرفت مما مضى أن الجمع بين الدليلين ـ فيما إذا لم يكن
______________________________________________________
(١٤٠) وذلك لأن المفروض أن الجمع ـ بين كلامين من متكلم واحد ، بحيث يكشفان عما في ضميره ـ غير ممكن بحسب الإرادة ، ففي الحقيقة يكون ذلك كالقرينة عند العرف على إرادة بعض مدلول كلامه ، بخلاف ما إذا كان الكلام من متكلمين ، فانه لا مانع من إرادة كل منهما تمام مدلول كلامه ، كما هو واضح.