التعادل والترجيح
البحث في تعارض الدليلين
وهو عبارة عن تنافي مدلوليهما بحيث لا يمكن صدق كليهما بحسب الواقع. ومن هنا يعلم أنه لا تعارض بين مفاد الدليل الحاكي عن الواقع ، والدليل الدال على حكم الشك ، وإن كان على خلاف الواقع ، لإمكان صدق كليهما. مثلا يمكن أن يكون شرب التتن حراما ، ومع الشك في حرمته حلالا ، لاختلاف رتبتيهما. وقد أوضحنا ذلك في مبحث حجية الظن ، عند التعرض لكلام ابن قبة ، فلا نطيل الكلام بتكراره ، فراجع.
ثم إنه لو كان الدليل الدال على الواقع مفيدا للقطع ، فلا إشكال ، وإلا يقع التعارض بحسب الصورة بين دليل حجية ذلك الدليل ، وبين ما يدل على حكم الشك ، لأن مقتضى دليل حجية الخبر الحاكي عن الواقع وجوب الأخذ بمؤداه في الحال التي عليها المكلف ، وهي حال الشك في الواقع. ومفاد ذلك الخبر حرمة شرب التتن مثلا ، ومقتضى الدليل الدال على حكم الشك في هذا الحال حليته ، وليس بينهما اختلاف الرتبة ، كما كان بين الحكم الواقعي والحكم المتعلق بالشك ، لأن كلا منهما حكم ثانوي مجعول للمكلف في حال الشك في الواقع الأولى.
هذا وقد فرغنا فيما تقدم أيضا عن ورود أدلة حجية الطريق على