الاستصحاب مقدم على قاعدة الطهارة إذا كانا في مورد واحد.
القسم الثاني ما إذا كان الشك في كليهما ناشئا من امر ثالث. ومثاله لو علم إجمالا بنقض الحالة السابقة في أحد المستصحبين.
ومحصل القول في ذلك أن العمل بالاستصحابين (تارة) يوجب مخالفة عملية قطعية لذلك العلم الإجمالي ، و (أخرى) لا يوجب ذلك. (الأول) كما لو علم بنجاسة أحد الإناءين الطاهرين في السابق. والثاني ، كما لو توضأ غافلا بمائع مردد بين الماء والبول ، فان بقاء طهارة البدن والحدث وان كان مخالفا للقطع ، ولكن لا يلزم من البناء عليهما بمقتضى الاستصحابين مخالفة عملية.
أما القسم الأول فالتحقيق فيه أن عموم أدلة الاستصحاب يشمل كلا من طرفي العلم الإجمالي ، لأن الموضوع فيما اليقين بأمر في السابق ، والشك في بقاء ذلك الأمر في اللاحق. وهذا المعنى محقق في كل واحد منهما ، لكن لما كان العمل بعموم الدليل المذكور في المقام موجبا لمخالفة قطعية عملية ، ولا يجوز عند العقل تجويز ذلك ، فلا بد من رفع اليد عنه في مجموع الطرفين. نعم الترخيص في البعض لا بأس به ، لكن إخراج بعض معين وإبقاء الآخر كذلك ترجيح بلا مرجح ، إذ نسبة الدليل إلى كلا الطرفين على حد سواء ، وإبقاء واحد منهما على نحو التخيير غير مدلول الدليل ، لأن موضوعه الآحاد المعينة. ومقتضى ذلك التساقط ، والرجوع إلى مقتضى العلم الإجمالي بالتكليف ، وهو موجب للامتثال
______________________________________________________
قلت : نعم مع العلم بأن الشك السببي موضوع للحكم في لبّ المتكلم ، نعلم بأنه علة تامة له ، لكن مع الشك في ذلك نشك في عليّته أيضا ، ونحتمل علية المسببي في لب المتكلم. والمفروض انه ممكن أيضا.
وان شئت توضيح ذلك فإليك هذا المثال لو قال أحد لشخص : إن هذا ابني ، وقال أيضا أنا لا اضرب ابني أبدا ، ثم رأيناه أنه يضربه ، فنقطع بعدم صدق إحدى القضيتين واقعا ، لكن هل يوجب ـ مجرد كون الأولى محققة لموضوع الثانية ـ العلم بكذب الثانية ، لتقدم رتبة موضوعها عليها؟ فافهم فانه دقيق.