بالنفس ، إذ الشك بمعنى عدم العلم ، فان لوحظ العلم طريقا ، فمعنى الشك الّذي في قباله هو عدم الطريق ، وان لوحظ صفة ، فكذلك.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إن ظاهر الأدلة الدالة على الاستصحاب وسائر الأصول أن العلم المأخوذ فيها أخذ طريقا ، وعلى هذا مفاد قولهم عليهمالسلام : لا تنقض اليقين بالشك ـ أنه في صورة عدم الطريق إلى الواقع ، يجب إبقاء ما كان ثابتا بطريق ، وهكذا كل ما دل على ثبوت الحكم على الشك ، فمفاده دوران الحكم المذكور مدار عدم الطريق ، فإذا ورد دليل على حجية دليل أو أمارة ، يرتفع موضوع الحكم الّذي كان معلقا على عدم الطريق. والّذي يدل على ذلك ـ مضافا إلى أنه لا يبعد دعوى ظهور العلم المأخوذ في الموضوع في كونه على نحو الطريقية عند العرف ـ ان الأصول العملية والطرق المعتبرة تشتركان في كونها أحكاما ظاهرية للشاك في الواقع ، إذ لا يعقل جعل الطريق إلى الواقع للقاطع به ، سواء كان قطعه موافقا لمؤدى الطريق أم مخالفا له ، فالأحكام الظاهرية ـ سواء كانت من سنخ الطرق أم من سنخ الأصول ـ مجعولة ما دام المكلف شاكا.
وحينئذ نقول : إن تعليق الشارع الحكم على الشك ـ وجعله ما دام كونه باقيا فيما يسمى بالأصول العملية ، وعدمه كذلك فيما يسمى بالطرق ، مع كونها أيضا أحكاما متعلقة بالشك ودائمة بدوامه ـ دليل على ان الشك المذكور
______________________________________________________
إلا أن يقال : إن العلم السابق المأخوذ في الاستصحاب وان كان جزء الموضوع ، لكن العلم المأخوذ غاية فيه وفي سائر الأصول أخذ فيه وفيها بنحو التمامية للموضوع ، بحيث لو تحقق الطريق ينتفي حكم الاستصحاب بنفس الطريق ، لا بملاحظة الواقع المستكشف بالطريق.
وبعبارة أخرى : يكون الموضوع فيها الشك بمعنى التحير لعدم الدليل ، حيث لو انتفى ذلك انتفى الموضوع ، وان كان الانتهاء بالغفلة من دون احتياج إلى الواقع. وفيه : أن ذلك كاشف عن أن الموضوع فيها هو الشك الفعلي لا عدم الطريق ، والمسألة بعد محتاجة إلى التأمل والتنقيح.