(ثانيهما) ـ أنه إن أريد من الشك الشك في الوجود ، فلا بد من الالتزام بأن المراد ـ من الخروج عن الشيء في الاخبار ـ هو الخروج عن محله ، وإن أريد منه الشك في الصحة ، لا يلزم منه ذلك ، فان التجاوز حينئذ يلاحظ بالنسبة إلى نفس ذلك الشيء ، فيلزم تقدير المحل وعدم تقديره في قضية واحدة.
قلت أما الجواب عن الأول ، فبان للشك في وجود الشيء تعلق به ، وكذا الشك في صحته ، (١١٦) فيمكن أن يلاحظ جامع هذين التعلقين معنى حرفيا ، ويعبر عنه بلفظ الشك في الشيء ، كما استعمل في بعض الاخبار في معنى جامع بين الظرفية وغيرها ، كما في موثقة ابن بكير ، (فالصلاة في وبره وشعره وجلده وروثه وألبانه ... الخبر).
واما الجواب عن الثاني فبالالتزام بتقدير المحل ، (١١٧) فان من فرغ من نفس الشيء فرغ من محل وجوده الخارجي. نعم المحل بالنسبة إلى الشك في الوجود ليس محلا للوجود الخارجي المحقق ، لأنه غير محرز بالفرض ، بل هو
______________________________________________________
(١١٦) لا يخفى ان الشكين وان كان لكل منهما تعلق بالشيء ، لكن في الأول منهما لا بد من لحاظ الوجود غير متحقق ، وفي الثاني لحاظه متحققا ، والجمع بين اللحاظين محال. وقد مرّ نظيره في الجمع بين القاعدة والاستصحاب ، فان لكل من الشك في الوجود والشك في البقاء تعلّقا بالشيء ، لكن في الأول لا بد من لحاظه غير متحقق الوجود ، وفي الثاني متحققا. والجمع بينهما محال. فلا يقاس بجامع الظرفية في الموثقة ، فان الجمع بين لحاظ افراد مدخول الظرف فيها ممكن ، كما لا يخفى.
(١١٧) لا يخفى ان الالتزام بالقاعدة الثانية أي قاعدة الفراغ خلف الفرض ، لأن الكلام في إمكان الجمع بين قاعدة الشك بعد المحل وبين قاعدة الفراغ التي لم يلحظ فيها مضي المحل ، بل لوحظ فيها مضي نفس العمل ليس إلا ، فهذا الّذي التزم به ـ دام ظله ـ قاعدة ثالثة ، مع أن الجمع بين محل الوجود الخارجي المتحقق والشرعي الّذي لم يلحظ الوجود فيه متحققا ـ أيضا محال ، فتأمل.