الشخص في حال الشك تحصيل العلم ، كما أنه يجب على العباد تحصيل العلم بالمبدإ والوسائط والمعاد. ولكن هذا التكليف راجع إلى إيجاب إزالة تلك الحالة أعني الشك ، لا أنه تكليف متعلق بموضوع الشاك. والأول امر ممكن واقع ، والثاني محال ، لرجوعه إلى اجتماع النقيضين.
وان أراد إثبات اللازم الثاني ، فهو ممكن ، إلا انك عرفت أن التمسك بالاستصحاب مشروط بالفحص ، ولو تفحص اليهودي ورفع اليد عن لعصبية وما أخذ من آبائه تقليدا لظهر له حقية مذهب الإسلام ، لوضوح الأدلة والبراهين القائمة على صدقه ، بحيث لم تبق له حيرة ولا شك ، حتى يحتاج إلى التمسك بالاستصحاب ، وهذا امر مقطوع به لا ريب فيه أصلا.
نعم لو فرض محالا بقاء الشك له بعد الفحص ، فالتمسك بالاستصحاب ـ لعمل نفسه بالاحكام السابقة. إن كان الحكم الاستصحابي مجعولا في الشريعتين ، أو الجري على التكاليف الثابتة في شريعة موسى ، من جهة أنه إما تكليف واقعي له أو ظاهري ـ مما لا مانع له ، ولا يضر ذلك أحدا. ولا ربط له في إبطال مذهب الخصم وحقية مذهبه ، كما هو ظاهر.
هذا إذا كان غرضه إثبات تكليف نفسه. واما إن كان غرضه إلزام الخصم ـ كما هو ظاهر قوله فعليكم إقامة الدليل إلخ ـ فنقول من الأمور المعتبرة في الاستصحاب المجعول في حقنا اليقين بأمر في الزمن السابق ، والشك في ذلك الأمر في الزمن اللاحق. ونحن لو قطعنا النّظر عن اخبار نبينا وكتابه الّذي أخبر بنبوة موسى ، لا نعلم بوجود موسى ، فضلا عن نبوته ، ونعلم بنسخة أيضا ، فكيف تلزم أيها اليهودي بالاستصحاب جماعة ليس لهم علم بالأمر السابق على تقدير ، وليس لهم شك في انقطاع ذلك الأمر على تقدير آخر.
الأصل المثبت
الأمر السابع ان نقض اليقين بالشك ليس امرا اختياريا للمكلف ، حتى