يدل على ارتفاعه. ومن الواضح أن تشخيص المورد المذكور ليس شأن المقلد. وهذا ميزان المسائل الأصولية ، بخلاف ما إذا استظهر من الأدلة نجاسة الغسالة مثلا ، فان هذا الحكم ـ بعد استظهاره من الأدلة ـ ينفع المقلد ، وهو ميزان المسائل الفقهية. وعلى هذا تدخل مسألة الاستصحاب ـ ولو على تقدير أخذه من الاخبار ـ في المسائل الأصولية.
ولا يخفى أن هذا الكلام يدل على عدم التزامه بكون موضوع علم الأصول خصوص الأدلة ، ولكن يرد على ما أفاده «قدس سرّه» ان لازم ما ذكره كون بعض المسائل الفقهية داخلا في المسائل الأصولية ، من قبيل قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، وعكس هذه القاعدة ، لوضوح ان تشخيص مجاريهما ليس وظيفة للعامي ، بل ينتقض بكل حكم شرعي متعلق بالموضوعات التي لا يكون تشخيص مصاديقها الا وظيفة للمجتهد ، من قبيل الصلاة والغناء والوطن ، وأمثال ذلك ، مما لا يحصى فتأمل (١٠٠).
وأوثق كلام في المقام أن يقال : كل قاعدة أسست لملاحظة الأحكام الواقعية الأولية ـ سواء كانت من الطرق إليها ، أو من الأحكام المتعلقة بالشك ، من دون ملاحظة الكشف عن الواقع ـ تسمى قاعدة أصولية ، (١٠١) وسواء
______________________________________________________
(١٠٠) لا يخفى أن ما ذكره ـ دام ظله من الأمثلة ـ وإن لم ينفع العلم بها المقلد قبل العلم بموضوعها ، لكن بعد العلم بموضوعها ينفعه من دون حاجة إلى المجتهد ، بخلاف مسائل الأصول ، فانه لا ينفعه العلم بها ، حتى بعد العلم بموضوعها ومحمولها ، مثلا لو علم المقلد معنى قول المجتهد : (خبر الواحد حجة) بان علم معنى خبر الواحد ، وعلم معنى حجيته ، لا ينفعه في مقام العمل ، بل وإن قال المجتهد له إن الواحد الّذي قلت لك أنه حجة ، هذا الخبر الخاصّ ، مع ذلك لا ينفعه ، بخلاف المسائل الفقهية ، فانه ـ بعد العلم بالموضوع والمحمول وتشخيصها ـ لا يحتاج إلى المجتهد في العمل.
(١٠١) قد مرّ الإشكال في عدم تمامية ذلك الفارق أيضا ، لانتقاضه (عكسا) بمقدمة الواجب على تقدير ، و (طردا) بقاعدة ما لا يضمن على تقدير ، فراجع.