و (منها) ـ جعلها
باعتبار مجموع الوجودات ، بحيث يكون مجموع افراد الطبيعة جزءا واحدا للمأمور به ،
والأقسام المذكورة كلها متصورة بالنسبة إلى الشرط والمانع.
إذا عرفت هذا
فنقول إن جعل شيء جزءا أو شرطا للمأمور به بالاعتبار الأول ، فلا ريب في وجوب
إحرازه ، وعدم جواز الاكتفاء بالمشكوك ، لأن الاشتغال ـ بالمركب من اجزاء معلومة
أو المشروط بالشرط المعلوم ـ معلوم بالفرض ، ولا تتحقق البراءة إلا بإتيان ما يعلم
انطباقه عليه. وهذا في الوضوح والبداهة بمكان.
وان جعل جزءا أو
شرطا بالاعتبار الثاني ، فلا إشكال في أن مرجع هذا النحو من الجعل إلى جعل كل واحد
من افراد الطبيعة جزءا مستقلا أو شرطا كذلك ، وان القضية الدالة على ذلك تنحل إلى
قضايا متعددة ، فهل يحكم ـ في الفرد المشكوك كونه جزءا أو شرطا ، من جهة الشك في
انطباق المفهوم المعلوم كونه جزءا أو شرطا عليه ـ بالبراءة أو الاحتياط؟ وجهان
تعرف الحال بعد بسط المقال في الشك في المانع أيضا. وكذا الحال فيما إذا جعل بالاعتبار
الثالث.
وان جعل شيء مانعا
بالاعتبار الثالث ـ أعني اعتبار مجموع الوجودات ـ فيرجع إلى اشتراط ترك واحد من
افراد ما جعل مانعا. ولا إشكال في وجوب إحراز ذلك إحراز ذلك الترك ، لأن أصل
الاشتراط معلوم ، فاللازم العلم بوجود الشرط. وهذا أيضا واضح.
وان جعل مانعا
بأحد الاعتبارين الأولين ـ أعني اعتبار صرف الوجود ، أو الوجود الساري ـ فلو شك في
كون شيء مصداقا للمفهوم الّذي جعل مانعا ، فهل الأصل يقتضى الاحتياط والاجتناب عن
ذلك الشيء المشكوك كونه فردا ، أو البراءة؟