(لوجه الثاني) أن الشك في المقام راجع إلى الشك في الإطلاق والتقييد ، ووجهه أن الشيئين إذا اتحدا في الأثر ، فاللازم عند العقل أن يكون ذلك الأثر مستندا إلى القدر الجامع ، فحينئذ مرجع الشك في التعيين والتخيير إلى أن التكليف هل هو متعلق بالجامع بين الفردين ، أو بخصوص ذلك الفرد؟ وبما أنا قلنا بالبراءة هناك نقول بها هنا أيضا.
(والحق) هو الأول ، لأن التخيير وإن كان راجعا إلى تعلق الحكم بالجامع عقلا وفي عالم اللب ، ولكن لو كان مراد المولى ذلك العنوان الخاصّ الّذي جعله موردا للتكليف على وجه التعيين ، لم يكن للعبد عذر ، وليست المؤاخذة عليه مؤاخذة من دون حجة وبيان ، حيث أنه يعلم توجه الخطاب بالنسبة إلى العنوان الخاصّ.
ومن هنا تعرف الفرق بين المقام وبين دوران الأمر بين المطلق والمقيد ، حيث أنه في الثاني لا يعلم بتوجه الخطاب بالمقيد ، فيؤخذ بالمتيقن ، ويدفع القيد بالبراءة ، بخلاف ما نحن فيه ، حيث أن المفروض العلم بصدور الخطاب المتعلق بالعنوان الخاصّ ، فلا تغفل.
(الثاني) أنه لما فرغنا عن الشك في الجزئية والقيدية في الشبهة الحكمية ، فاللازم التكلم في الموضوعية منها مفصلا ، لكون بعض مصاديقها محلا للابتلاء ، وموردا لأنظار العلماء.
فنقول وبالله المستعان إن جعل طبيعة جزءا للمأمور به يتصور على أنحاء : (منها) جعلها باعتبار صرف الوجود ، أعنى الوجود اللابشرط من جميع الخصوصيات ، الّذي يكون نقيضا للعدم المطلق.
وبعبارة أخرى الّذي ينتقض به العدم ، فيكتفى بإتيانه في ضمن فرد واحد ، ضرورة تحقق ذلك المعنى اللابشرط في ضمن فرد واحد.
و (منها) ـ جعلها باعتبار وجودها الساري في جميع الافراد.