يدل دليل على خلافه. وبهذا البيان يمكن إثبات الخطابين فيما إذا اجتمع غريقان لا يقدر على إنقاذهما ، بان يقال ان مقتضى القاعدة رفع اليد عن إطلاق كليهما ، وجعل كل منهما مقيدا بترك الآخر.
(لا يقال) لازم ذلك ثبوت الخطابين في حال ترك كليهما ، لثبوت شرط كل منهما ، فيلزم التكليف بما لا يطاق في الحال المفروض في مسألة الغريقين ، وكذا يلزم الاذن في المعصية في تلك الحال في الشبهة المحصورة.
لأنا نقول إن الإطلاق لا يقتضى إيجاد الفعل في حال تركه حتى يلزم المحذور المذكور فافهم (٨٢).
لا يقال إن لازم ما ذكر اجتماع اللحاظين المتنافيين في الأدلة المرخصة ، لأن الاذن فيها مطلق بالنسبة إلى الشبهات البدوية ومشروط بالنسبة إلى الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، فيلزم في إنشاء واحد أن يلاحظ ذلك الإنشاء مطلقا ومشروطا.
لأنا نقول هذا المحذور إنما يرد إن قلنا بان القيد الوارد على المطلق كاشف عن إرادة المقيد في مقام الاستعمال. وأما إن قلنا إن المطلق في مقام الإلقاء أريد منه ما هو ظاهره ، وأن القيد كاشف عن عدم الإرادة في مقام اللب ، فلا محذور كما لا يخفى.
هذا ولكن الأدلة ـ الدالة على أن العالم يحتج عليه بما علم ، وأنه في غير سعة من معلوماته ـ تقتضي الاحتياط بحكم العقل ، وينافى الترخيص الّذي استكشفناه من الإطلاق ، مضافا إلى منع إطلاق الأدلة
______________________________________________________
(٨٢) لعله إشارة إلى أن الأمر ـ لا محالة ـ يقتضي الإيجاد حال العدم ، لكن لا بنحو التقييد والتوصيف به ، فالأولى التعبير بأن الأمر لا يقتضي مقيدا بتركه.