ولو كان التكليف بالطبيعة على النحو الثالث (٨٠) فان كان امرا يقتضى إتيان مجموع الافراد ، فيجب الإتيان بما يحتمل ان يكون فردا للطبيعة ، تحصيلا للبراءة اليقينية ، وإن كان نهيا يكفى ترك الفرد الواحد ، فيجب القطع بترك الواحد ، ولا شيء عليه بعده.
إذا عرفت هذا تعرف أن مورد إجراء أصالة البراءة ينحصر فيما إذا كان التكليف بالطبيعة باعتبار وجودها الساري في كل من الافراد ، بحيث ينحل إلى تكاليف متعددة ، فلا يحسن القول بالبراءة في الشبهة الموضوعية على نحو الإطلاق ولا بعدمها كذلك فلا تغفل.
(الثاني) مورد أصالة البراءة في الشبهة ما لم يكن هناك أصل وارد أو حاكم عليها ، فمثل المرأة المرددة بين الزوجة والأجنبية ، واللحم المردد بين ان يكون مذكى أو غير مذكى خارج عنه. أما الأول فلاستصحاب عدم تحقق علقة الزوجية. واما الثاني فلاستصحاب عدم التذكية.
______________________________________________________
(٨٠) لا يقال : ما الفرق بين المقام وبين الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين حيث حكم ـ دام ظله ـ فيه بالبراءة بخلاف المقام ، فان مجموع الأفراد في المقام نظير مجموع الاجزاء في الشك المذكور؟
فانه يقال : نعم المقامان متشابهان في أصل المحبوبية بنحو الارتباط بين الاجزاء هنا وبين الافراد هناك ، لكن الفرق : هو أن الكلام في الشك في الأقل والأكثر إنما هو فيما إذا تعلق التكليف بلفظ مجمل كالصلاة على الصحيحي مثلا ، فانه يمكن أن يقال فيه : إن التكليف من قبل الشارع لم يثبت في أكثر من ذلك ، حتى على القول بوجود الجامع البسيط بين الافراد الصحيحة ، كما مرّ إجمال ذلك في الصحيح والأعم. وسيأتي تفصيله في المسألة ـ إن شاء الله تعالى ـ ، بخلاف المقام ، فان التكليف تعلق بالمبيّن ، ولم يكن الشك الا في الامتثال من جهة الشبهة الخارج رفعها عن مقام التشريع ، فلا تغفل.