الجهل موجبا للعذر ، سواء كان متعلقا بالحكم أم بالموضوع ، ويؤيده سؤال الراوي بعد ذلك بأي الجهالتين أعذر ، ويشكل بان الجهل المفروض في الرواية ـ على فرض كون المراد منه الشك ـ ان كان متعلقا بالحكم الشرعي فالمعذورية تتوقف على الفحص ، إذ الجاهل بالحكم قبل الفحص ليس بمعذور إجماعا. ولو حملنا الرواية على ما بعد الفحص ، فيبعد بقاء الجهل مع وضوح الحكم بين المسلمين. وان كان المراد الجهل بالموضوع ، فيصح الحكم بالمعذورية إذا لم يعلم بكونها في العدة أصلا. وأما إذا علم بكونها في العدة سابقا ولم يدر انقضاءها ، فمقتضى استصحاب بقاء العدة عدم معذوريته.
وبالجملة الحكم بمعذورية الجاهل مطلقا لا يطابق القواعد المسلمة ، إلا ان تحمل الجهالة على الغفلة ، فيستقيم الحكم بالمعذورية ، أو كان المراد من المعذورية المعذورية بالنسبة إلى الحكم الوضعي أعنى الحرمة الأبديّة بدية.
وأيضا هنا إشكال آخر في حكمه بكون الجهالة بان الله تعالى حرم عليه ذلك أهون من الأخرى ، معللا بعدم قدرته على الاحتياط معها. وحاصل الإشكال أنه لا فرق بين الجهالتين في هذه العلة ، لأنها إن كانت بمعنى الغفلة ، فلا إشكال في عدم قدرته على الاحتياط فيهما ، والتفكيك بين الجهالتين ـ بان يجعل الجهالة بالحكم بمعنى الغفلة والأخرى بمعنى الشك ـ في غاية البعد.
قال شيخنا الأستاذ (غاية ما يمكن ان يقال في دفعه هو أن إرادة الغفلة في أحد الموضعين والشك في الآخر لا توجب التفكيك في الجهالة بحسب المعنى فيهما ، فانه من الجائز بل المتعين استعماله في كلا الموضعين في المعنى العام الشامل للغفلة والشك ، لكن لما كان الغالب في الجهل