حال الجهل ، فلا بد من إحدى المسامحتين (٧٢). إما جعل المجهولات مما يقبل الرفع ادعاء ، وإما حمل النسبة على التجوز (٧٣) ، وعلى الثاني إن كان المجهول حكما يمكن رفعه حقيقة ، بمعنى رفع فعليته في حال الجهل. وأما ان كان موضوعا ، فلا يقبل الرفع ، فالمتعين جعل ما لا يقبل الرفع مما يقبل الرفع ادعاء ، ثم نسبة الرفع إلى الجميع حقيقة. ومما ذكرنا يظهر ما فيما أفاده شيخنا الأستاذ أيضا فلا تغفل.
وبالجملة الإنصاف انه لا وجه لرفع اليد عن عموم قوله صلىاللهعليهوآله (ما لا يعلمون) للشبهات الحكمية. ثم إنك بعد ما عرفت ان نسبة الرفع إلى ما لا يعلمون وأخواته تحتاج إلى وجه من المسامحة ، اعلم أن المصحح لهذه المسامحة إما أن يكون رفع جميع الآثار ، وإما خصوص المؤاخذة في الجميع ، وإما الأثر المناسب لكل من المذكورات.
فان قلنا بالأول ، فلو كان للشيء آثار متعددة يرتفع عند الجهل أو النسيان أو الاضطرار كلها ، مثل ما لو اضطر إلى ليس الحرير الّذي له الحرمة النفسيّة والمانعية للصلاة ، وكذا لو جهل بكونه حريرا أو جهل بكون الحرير محرما ومانعا من الصلاة.
______________________________________________________
(٧٢) لا يخفى أن الأحكام ـ على هذا المبنى ـ وان كانت فعلية في مرتبة الذات ، لكنها مرفوعة في مرتبة الشك فيها ، بوصف أنها مشكوكة ، ويمكن دعوى عدم دلالة الحديث على أزيد من ذلك.
(٧٣) لا يخفى ان اسناد الرفع مجازا إلى الموضوع ـ بلحاظ رفع مؤاخذته ـ لا يأباه الوجدان ، بخلاف اسناده إلى الحكم بلحاظ رفع مؤاخذة موضوع محكوم بذلك الحكم ، فلعله يصير كإسناد الجري على السطح المجاور للميزاب المجاور للماء الجاري.