ولكنه غير نافع في الشبهة الموضوعية (٧١) كما لو قامت البينة على بعض أطراف العلم الإجمالي متأخرة عن العلم ، لأنها لا تكشف عن التكليف القطعي ، ضرورة ان التكليف القطعي ـ الّذي يكون عبارة عن وجوب متابعة البينة ـ لا يمكن أن يكون سابقا على نفس البينة ، فلا يبقى في البين إلا لسان البينة بكون هذا موضوعا للحكم سابقا. ومجرد هذا اللسان لا يجدى في الانحلال الوجداني. نعم الجواب الأول إن تم فهو نافع مطلقا حتى في موارد قيام البينة.
(الوجه الثالث) ـ أن العلم يعتبر في موضوع حكم العقل ، من حيث انه طريق قاطع للعذر ، لا من حيث انه صفة خاصة. ولذا تقوم الأمارات مقامه. وقد بينا الفرق بينهما في مبحث حجية القطع. وعلى هذا لو قامت أمارة معتبرة أو طريق معتبر على بعض الأطراف مفصلا ، فالمعلوم بصفة أنه معلوم وان كان بعد مرددا ، ولكن ما قام عليه الطريق القاطع للعذر ليس مرددا ، فما هو ملاك حكم العقل بوجوب الامتثال مفصل ،
______________________________________________________
(٧١) لا يخفى أن الفرق بين الشبهة الحكمية والموضوعية مبني على كون الأمارة حجة يجب العمل بها في الواقع ، وان لم تكن واصلة إلى المكلف ، فيكشف بعد الوصول أن العمل بها كان واجبا من أول الأمر. أما لو قلنا بعدم الحجية لها الا بعد الوصول ، وعدم وجوب العمل بها الا بعده ، فحالها حال البينة في أن وجوب العمل بها لا يتحقق إلّا بعد وصولها ، فلا ينحل العلم بها أيضا. وقد مرّ من الماتن ـ دام ظله ـ اختيار عدم الحجية الا للواصل.
اللهم إلا أن يقال : بالفرق بين حجية الأمارة ووجوب العمل بها ، لأن الحجية لا تتحقق الا بعد الوصول ، بخلاف وجوب العمل على طبقها ، فانه مجعول واقعا ، وان لم تصل إلى المكلف ، فالمكلف ما لم تصل إليه معذور في ترك العمل بها كالاحكام الواقعية. فافهم.