في لزوم اتباعه عقلا ، وكذا لا فرق بين الموارد ، لأن المعيار عند العقل هنا العلم بالتكليف.
نعم يمكن أن يقال ـ بناء على الأول ـ الظن الاطمئناني بعدم التكليف لا يؤخذ به في الموارد التي عرفت اهتمام الشارع بها ، كالدماء والفروج والأموال وأمثال ذلك (٥٩) بل يحتاط فيها ، كما أنه بناء على الثاني لا تكون هذه الموارد مجرى للبراءة ، وان كانت خارجة عن مورد الظن الاطمئناني.
هذا بناء على حكومة العقل. وأما بناء على الكشف ، فالذي ذهب إليه صاحب هذا القول أن العقل يكشف عن حجية طريق وأصل إلينا ، دون الطريق الواقعي الّذي يبقى مجهولا عندنا ، فان وجه اعتبار الطريق في هذا الحال رفع تحير المكلف من الواقعيات المشكوك فيها ، فلا معنى لجعل طريق واقعي يكون المكلف متحيرا فيه. ومقتضى هذا القول أن يؤخذ بالقدر المتيقن ، ولو في حال الانسداد إن كان في البين ، وكان وافيا في الفقه ، وإلا فان كان لبعض الظنون ترجيح في نظرنا وأمكن الاكتفاء به في الفقه نقتصر عليه ، وإلّا نأخذ بمطلق الظن.
______________________________________________________
(٥٩) والسّر ـ في عدم جواز العمل بالظن في هذه الموارد ـ أنه نعلم بوجوب الاحتياط في خصوصها ولو كان حرجيا ، لأن الحرج لا يرفع ما ثبت في مورد الحرج بل يخصص بذلك العلم كما أشرنا إليه سابقا فلا تتم فيها المقدمات حتى تصح النتيجة. ولا فرق في ذلك بين تقريب الكشف والحكومة ، وبين القول بان الظن في حال الانسداد كالعلم ، أو القول بلزوم التبعيض في الاحتياط ، والاكتفاء في رفع الحرج بالظنون ، أو القول بكفاية الموافقة الظنية ، لأنه بعد اختلال هذه المقدمة ـ أي عدم وجوب الاحتياط في خصوص هذه الموارد ـ تختل النتيجة على جميع التقادير ، ولا محيص إلّا العمل بالاحتياط.