الموثوق صدوره ،
فقد استراح من الرجوع إلى الظن المطلق ، وإلّا فمرجعه الظن المطلق ان تم باقي
المقدمات ، وستطلع عليه. واما الرجوع إلى الأصول المثبتة فلا يكفى ، لعدم وفائها
في الفقه ، بحيث توجب انحلال العلم الإجمالي ، مضافا إلى أن الأمارات الموجودة في
مواردها قد توجب العلم الإجمالي ، بخلاف مفادها. والعلم الإجمالي بخلاف مؤدى
الأصول مضر لنا فيما نحن بصدده ، سواء كان العلم الإجمالي بنفي التكليف في بعض
مواردها ، أم بإثبات تكليف آخر مضاد لمؤدى الأصول ، وان قلنا بان مجرد العلم
الإجمالي ـ بعدم التكليف بين الأصول المثبتة له ـ لا ينافى إجراء الأصل.
أما الثاني فواضح.
وأما الأول ، فلان تلك الأصول ـ التي فرضناها كافية في الفقه لو لا هذا العلم ـ
تصير غير كافية بملاحظة العلم المذكور ، فانه بعد العلم بعدم ثبوت التكاليف في بعض
مواردها ، يعلم ان المعلوم بالإجمال في غير موردها. اللهم إلّا ان يفرض أن الأحكام
الظاهرية المستفادة من الأصول زائدة على المقدار المعلوم من التكاليف المعلوم
إجمالا ، بحيث لم يعلم بتكاليف أخر في غير مؤدى الأصول ، حتى بعد العلم الإجمالي
بعدم التكليف في بعض مواردها. وهو كما ترى.
والحاصل أن اكتفاء
المجتهد ـ بالعمل بالأصول المثبتة للتكليف ، والاحتياط في الموارد الجزئية ، ورفع
اليد عن سائر الأمارات ـ لا يجوز
______________________________________________________
والظاهر أنه مع
الأصول المثبتة والضروريات والمعلومات والمسلمات كاف في معظم أبواب الفقه ، فنحن
بحمد الله في فسحة من العمل بمطلق الظن أو الاحتياط حتى المقدور ، فشكرا له على ما
أوضح السبل ، ونسأله التوفيق للعمل بها بحق خاتم الرسل صلى الله عليه)