.................................................................................................
______________________________________________________
لو كانت الجملة خبرية ، فهيئة اضرب في المثال كاشفة عن حقيقة الإرادة النفسانيّة ، بحيث لو لم تكن موجودة في النّفس لم تكن مستعملة في معناها ، بل تكون إما مهملة وإما مستعملة في غير ما وضعت له ، واما في المثال الثاني فهي كاشفة عن التجزّم بثبوت الإرادة في النّفس ، فلو لم يكن التجزم موجودا لما استعملت الهيئة في معناها ، ولا دخل للإرادة في الموضوع له.
نعم لما أخذ التجزم المذكور بمعناه الحرفي مع كاشفيته عن ثبوت ما يتجزّم به في الموضوع له ـ كما أشرنا إليه في معنى الاخبار ـ فلو لم تكن حقيقة الإرادة في المثال متحققة في نفس المتكلم كانت القضية كاذبة ، لعدم مطابقة معناها لما تحكى عنه ، وتلك المطابقة مع الخارج المحكي عنه وعدمها مناط للصدق والكذب في القضايا الخبرية ، لا وجود المعنى وعدمه ، فانه مناط في كون القضية مهملة أو مستعملة ، ولذا قلنا بأنه لو كان معنى الاخبار حقيقة النسبة الثابتة في موطنه يلزم كون القضية مهملة عند عدمها في موطنه ، وهذا بخلاف الإرادة في المثال الأول ، فانها عين ما وضع له اللفظ ، بحيث لو لم تكن كانت القضية مهملة ، لكن لو لم يكن لها كشف عن شيء آخر وراء نفسها حتى تتصف القضية بالصدق والكذب ، فأمرها دائر بين كونها مستعملة أو مهملة.
(ان قلت) : وان سلّم أن المستفاد من هيئة اضرب والموضوع لها حقيقة الإرادة الكامنة في نفس المتكلم ، لكن لا يلزم من عدم تحققها إهمال القضية ، وهل يلتزم أحد بأن لوجود زيد في الخارج دخلا في كون لفظ زيد مستعملا؟
(قلت) : فرق بينهما ، فان الألفاظ المفردة وضعت للذوات عارية عن الوجود والعدم ، بحيث لا تأبى عن حمل العدم عليها ، ولذا تقول زيد موجود أو معدوم ، وأما الجمل الإنشائية فوضعت للإرادة الموجودة ، بحيث يكون لوجودها أيضا دخل في الموضوع له ، لكن بجامع الوجود لا شخص الوجود الخاصّ ، حتى ينافي كلية المعنى ـ وسيأتي تحقيق ذلك في مقامه إن شاء الله تعالى.
والجمل الخبرية موضوعة للتجزم الموجود في النّفس ، بحيث يكون وصف