كون المعنى الّذي ذكرنا متبادرا قطعيا من القضية. وهنا إشكال آخر معروف ، وهو أن الخبر المقدر للفظة لا النافية للجنس إما موجود ، وإما ممكن وعلى أي حال لا يدل الاستثناء على التوحيد الّذي هو عبارة عن الاعتقاد بوجود الباري ، ونفى إمكان الشريك له عزّ شأنه ، فانه على الأول الاستثناء يدل على حصر وجود الآلهة في الباري جل وعلا ، ولا يدل على نفى إمكان الشريك له جل شأنه. وعلى الثاني يدل على إثبات الإمكان لوجوده تعالى شأنه ، لا على وجوده تعالى ولا يدفع هذا الإشكال جعل إلا تامة غير محتاجة إلى الخبر ، فانه على هذا أيضا تدل القضية على نفى الآلهة وإثبات الباري جل اسمه ، ولا تدل على عدم إمكان غيره.
ويمكن ان يجاب بان المراد بالإله المنفي هو خالق تمام الموجودات (٢١٠) ، وبعد نفى هذا المعنى مطلقا وإثباته في الذات المقدسة ، يلزم ان يكون كل موجود سواه جل جلاله مخلوقا له ، ولا يمكن مع كونه مخلوقا أن يكون خالقا ، فحصر وجود الإله في الباري جل وعلا يدل ـ بالالتزام البين ـ على عدم إمكان غيره تعالى ، فافهم.
______________________________________________________
(٢١٠) الظاهر عدم ارتفاع الإشكال بذلك المعنى أيضا ، لأن الخبر المقدّر إن كان (ممكن) فلا تدل القضية على وجود الخالق لتمام الموجودات ، وان كان (موجود) فلا تدل على نفي إمكان خالق غير الخالق بالفعل. نعم بحسب الملازمة العقلية انحصار الخالق ـ لجميع الموجودات وجودا في الله تبارك وتعالى ـ ملازم لعدم إمكان غيره ، وكذلك عدم إمكان غيره ملازم لوجوده جلّ وعلا ، لكن المقصود دلالة اللفظ مع قطع النّظر عن الملازمة العقلية ، وأما مع الملازمة العقلية الخارجية ، فلا فرق بين تقدير واجب الوجود ، ومستحق العبادة ، والمستجمع لجميع الصفات الكمالية ، والمعبود بالحق ، فان وجود كل منها ملازم عقلا لعدم إمكان غيره وكذلك عدم إمكان غيره ملازم لوجوده ، بل لوجوب وجوده. والظاهر من لفظ الإله هو المعبود بالحق ، حيث أن