الإنشاء (٢١) مثلا يقال ان هيئة افعل موضوعة لحقيقة الطلب الإيقاعي ، من دون ان يكون لمشخصات أخر دخل في معنى الهيئة. ولا إشكال في ان تلك الحقيقة لا تتحقق الا مع وجود الطالب الخاصّ والمطلوب منه كذلك والمطلوب كذلك. ولكن بعد تحقق الطلب المشخص بهذه المشخصات ما يستند فهمه إلى الهيئة هو حقيقة الطلب. واما المشخصات الأخر فلها دوالّ أخر غيرها ، فمدلول الهيئة كلي وان صار جزئيا بواسطة تلك الخصوصيات التي جاءت من قبل غيرها.
ثم لا يخفى عليك ان المعنى الاسمي والحرفي مختلفان بحسب كيفية المفهوم (٢٢) بحيث لو استعمل اللفظ الموضوع للمعنى الحرفي في المعنى الاسمي أو بالعكس يكون مجازا أو غلطا ، فان مفهوم الابتداء الملحوظ في الذهن استقلالا يغاير الابتداء الملحوظ في الذهن تبعا للغير ، والتقييد بالوجود الذهني وان كان ملغى في كليهما ، لكن المتعقل في مفاد لفظ الابتداء غيره في مفاد لفظة من.
______________________________________________________
(٢١) كأسماء الإشارة مثلا ، فانها وضعت لمعنى مركب من معنى حرفي إنشائي ومعنى اسمي ، بحيث يستفاد منه ابتداء المركب منهما ، بخلاف الإنشائيات فانها موضوعة للبسيط المنحل عند التحليل إلى الطبيعة والوجود ، مثلا كلمة «هذا» وضعت لكلي المفرد المذكر المقيد بكونه مشارا إليه بالإشارة الموجودة في الذهن ، وهو نحو توجه له إلى الخارج ، لكن لا بنحو يكون شخصي وجود الإشارة الخارجية جزءا لمعناها ، بل طبيعة الإشارة الموجودة الصادقة على الكثيرين ، وسائر الخصوصيات اللازمة لوجودها خارجة عن مدلول لفظة «هذا» ومستفادة من دوال أخر كما مر مرارا.
(٢٢) ربما يقال : ان المستفاد مما مرّ عدم الفرق بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي ، إلّا في أن الأول يوجد في الذهن بالوجود الاستقلالي والثاني بالوجود الآلي ، والآلية والاستقلالية من أطوار اللحاظ وخصوصياته ، وهو الّذي يصح أن يتصف بهما