الانتفاء في باب الوصايا والأوقاف ونظائرهما ، فانه لو أوصى بثلث ما له مثلا للعلماء ، فمن كان خارجا عن العنوان لا يكون موردا لهذه الوصية قطعا ، ولا يمكن ان يكون المال ـ بعد انتقاله إلى العلماء بموت الموصى ، وكونه ملكا لهم ـ مالا لغيرهم. وهكذا حال الوقف وأمثاله ، فعدم كون المال لغير المتصف في مثال الوصية ، وكذا عدمه لغير المتصف بعنوان الموقوف عليه ، فيما لو وقف على عنوان خاص ليس من باب مفهوم اللفظ.
هذا وقد خالف فيما ذكرنا ـ من أن المناط في باب المفهوم انتفاء سنخ الحكم ـ بعض أساطين الفن ، وجعل المفهوم في قولنا (أكرم زيدا ان جاءك) انتفاء شخص الوجوب المتحقق في هذه القضية ، على تقدير انتفاء الشرط ، ولعل نظره إلى أن هيئة افعل موضوعة بالوضع العام والموضوع له الخاصّ بإزاء جزئيات الطلب ، فما هو جزاء في القضية المذكورة هو الوجود الجزئي الشخصي المتعلق بإكرام زيد ، دون حقيقة الوجوب المتعلق بإكرام زيد ، ولم تحضرني عبارته حتى أتأمل في مراده (قدسسره).
أقول : لو كان الوجه ما ذكرنا ، ففيه (أولا) ما عرفت في تحقيق معنى الحروف ، وانها موضوعة كأسماء الأجناس للمعنى العام ، ومستعملة فيه حينئذ لا مورد لهذا الكلام.
و (ثانيا) ان الشرط ـ في قولنا إن جاءك زيد فأكرمه ـ يستدعى حقيقة إيجاب الإكرام ، لا الإيجاب الجزئي الشخصي المتحقق بجميع الخصوصيات ، إذ ليس لنا شرط في القضايا الشرطية يكون كذلك ، غاية الأمر حقيقة الإيجاب لا تتحقق الا في ضمن الإيجاب الخاصّ ، ونسلم منك أنه ليس لتلك الحقيقة لفظ موضوع ، ولكنا نفهم أن الإيجاب الجزئي المدلول عليه باللفظ الخاصّ ليس معلولا للشرط المذكور في