اجتماع حكمين متضادين. ومثله ما عن البعض من عد مطلق تداخل الأسباب ـ كما في منزوحات البئر ونحوها ـ من هذا القبيل ، ولا بأس بتحقيق مسألة الأسباب والمسببات في الجملة ، ليعرف أن الاستدلال بما ذكر مما لا وجه له.
أقول إذا جعل الشارع طبيعة شيء سببا ، فلا يخلو هذا في نفس الأمر من وجوه :
(أحدها) ـ أن يكون السبب صرف الوجود لتلك الطبيعة ، أعني حقيقته التي هي في مقابل العدم الكلي (١٧٦) ، وكذلك المسبب ، مثل أن يقول إذا انتقض عدم النوم بالوجود ، يوجب انتقاض عدم الوضوء بالوجود.
(ثانيها) ـ أن تكون الطبيعة باعتبار مراتب الوجود سببا لوجود طبيعة أخرى كذلك ، مثل قولك (النار سبب للحرارة) والمراد أن النار
______________________________________________________
تداخل الأسباب والمسببات :
(١٧٦) المقصود ـ من صرف الوجود في الأقسام المذكورة في الحقيقة ـ هو المقيد بالوجود الأول ، وما لا يمكن تعدّده. ولعله خلاف الاصطلاح في صرف الوجود ، فان الصرف عبارة عن أصل الطبيعة الصادقة على القليل والكثير القابلة للتكرار بشخصها ووجودها ، نعم لا تكرار بالنوع والطبيعة ،
وكيف كان لو فرض الأخذ في طرف السبب أو المسبب على أحد الوجوه المذكورة ، فالحكم كما ذكر ، بمعنى أنه لو أخذ في أحد الطرفين بنحو لا يمكن تكرره ، فمعلوم ان السبب والمسبب واحد ، ولا ربط له باجتماع الحكمين ، ولو أخذ بحيث يمكن تكراره في الطرفين ، فكل سبب يحتاج إلى مسبب خاص من دون اجتماع حكمين. نعم يمكن جعل كل من الأسباب سببا لنوع من المسببات المختلفة نوعا ، مع اتحادها مصداقا ، فتدخل تحت النزاع لو لم يؤكد الوجوب فتأمل.