تصير جزءها ، إذ لا تعقل لها بدونها ، مثلا لا يمكن تعقل معنى لفظة من الا بعد ارتباطه بالسير والبصرة ونظيرهما فلهما ولنظائرهما من العناوين الخاصة دخل في مفهوم معنى لفظة من (١٧) وهكذا غيرها من الألفاظ الأخر التي وضعت لمعنى حرفي.
هذا والحق ان معاني الحروف كلها كليات وضعت ألفاظها لها وتستعمل فيها ، ولا تحتاج هذه الدعوى بعد تعقل المدعى إلى دليل آخر إذ من المعلوم انه ما ادعى القائل بجزئية المعنى الحرفي الا عدم تعقل كونه كليا (١٨).
______________________________________________________
(١٧) لا يخفى أنه على الفرض يصير معنى الحروف جزئيا إضافيا ، لأن عنوان السير والبصرة وأمثالهما لا يخرجه عن الكلية ، حيث أن ابتداء السير المتعلق بالبصرة له أفراد كثيرة ، نعم لو أخذ فيه كل جزئي من جزئيات متعلقاته الخاصة ليكون شخص السير الخارجي ونقطة المبدأ منه من البصرة مأخوذا فيها يكون جزئيا خارجيا وكذا لو كان الموضوع له للفظة «من» مثلا كل جزئي من الابتداءات الخارجية المأخوذة آلة ومرآة لحال متعلقاتها الخاصة ـ كما احتملها صاحب الفصول ـ والفرق بينها وبين ما ذكره الأستاذ ـ دام علاه ـ أولا أن الأول جزئي حقيقي ذهني ، وان كان في الخارج له أفراد كثيرة مع قطع النّظر عن الوجود الذهني ، بخلافه على القسمين فانه جزئي خارجي.
(١٨) لعله ـ دام ظله ـ أراد نفى الدعوى الصحيحة المطابقة للوجدان ، وإلّا فصريح الفصول دعوى تبادر المعنى الجزئي ، وان شئت فراجع ، نعم الإنصاف أن المتبادر من لفظة «من» في «سرت من البصرة إلى الكوفة» عين المتبادر منه في : «سرت من البصرة إلى الشام» والخصوصيات الأخر تفهم من دوال أخر ـ كما سيتضح إن شاء الله في طي البحث ـ فالتبادر يشهد بكلية الموضوع له فيها خلافا للفصول كما مر ، فيصح أن يقال : لا مانع من دعوى الكلية الا عدم تعقلها بتقريب ما قلنا ، لا بما هو ظاهر المتن ، فافهم.