مخالفة المولى بمقدار ساعة مثلا ـ لو عمد إلى إتيان مقصود آخر له ، يكون اقرب ـ إلى المولى بحكم العقل ـ منه لو لم يفعل ذلك. وهذا واضح جدا.
وعلى هذا نقول : لا منافاة بين كون هذا الفعل موجبا للبعد والعقوبة ، من جهة اختياره السابق ، وموجبا للقرب إذا طبقه على عبادة من العبادات ، بمعنى أنه في الحال التي يقع منه هذا المقدار من الغصب قطعا ، لو طبقه على عبادة من العبادات التي فيها جهة حسن ، أحسن من أن يوجده مبغوضا صرفا. وهذا المقدار من القرب يكفى في العبادة.
وبعبارة أخرى لو فرضنا عبدين أوقعا نفسهما في المكان المغصوب بسوء اختيارهما ، فاضطرا إلى ارتكاب الغصب بمقدار الخروج ، فأوجد أحدهما في حال الخروج عملا راجحا في حد ذاته ، طلبا لمرضاة الله دون الآخر ، فالعبدان مشتركان في استحقاق العقاب على الدخول في المكان المغصوب ، والخروج ، ويختص الأول بما ليس للثاني. ولا نعنى بالقرب إلا هذا المعنى.
ومما ذكرنا يظهر أن الحكم ـ بصحة العبادة المتحدة مع الحركات الخروجيّة ـ لا يحتاج إلى إحراز أن في تلك العبادة مصلحة راجحة على مفسدة الغصب ، وانها أهم عند الشارع من ترك الغصب ، لأن ملاحظة الأهم وتقديمه على غيره ، إنما يكون فيما إذا كان كل منهما تحت اختيار العبد ، فيجب عليه اختيار الأهم وترك غيره. واما إذا لم يكن المكلف مختارا على ترك الغصب أصلا ، فلا يكون مجرد المفسدة الخالية عن الأثر مانعا للأمر بعنوان آخر متحد مع فعل الغصب ، وان كان ترك الغصب أهم من فعل ذلك بمراتب ، فلا تغفل.
(الأمر الثاني) ومما استدل به المجوزون أنه لو لم يجز ، لما وقع نظيره