ويعتبر لها وجود مجرد عن الخصوصيات حاك عن الخارج ، فيحكم عليها بالكلية ، فمورد الكلية في نفس الأمر ليس إلّا الماهية الموجودة في الذهن ، لكن لا بملاحظة كونها كذلك ، بل باعتبار حكايتها عن الخارج.
فنقول موضوع الكلية وموضوع التكاليف المتعلقة بالطبائع شيء واحد (١٦٥) ، بمعنى أن الطبيعة ـ بالاعتبار الّذي صار موردا لعروض
______________________________________________________
(١٦٥) لا يخفى أن موضوع الكلية والتكاليف وإن كانا سيّان في أن العروض والاتصاف في كليهما في الذهن ، لكنه فرق بينهما من حيث أن حال التجرد من جميع القيود دخيل في عروض الكلية ، حتى أنه لو لوحظت الماهية في الذهن متحدة مع الافراد لا تعرض عليها ، ولا يصح أن يقال كل إنسان كلي مثلا ـ ولو قبل وجود الافراد في الخارج ـ وهذا بخلاف الأمر والنهي ، فانهما قد يتعلقان بالطبيعة قبل وجودها ، مع لحاظ اتحادها مع الخارجيات.
وبعبارة أخرى : قد تكون الطبيعة بوجودها الساري محبوبة أو مبغوضة ، بل الغالب في المبغوضية ذلك ، بحيث يكون تعلّق النهي بصرف الطبيعة ـ بلا لحاظ السريان ـ نادرا أو معدوما. نعم قد يتعلقان بالطبيعة الصرفة بما هي ، بحيث تكون الافراد خارجة عن تحت الطلب ، ويكون حال التجرّد عن لحاظ الاتحاد مع الافراد أيضا دخيلا في الحكم وفي المحبوبية ، بحيث لا يصدق على فرد من الافراد أنه محبوب أو مبغوض ، بل يكون كل فرد مصداقا لما يكون محبوبا كما في الكلية ، ولعل الغالب في الأوامر هو ذلك.
وحاصل الفرق : انه في الأول يكون كل فرد من افراد المحبوب محبوبا بنفسه ، لأن المحبوب هو الوجود الساري للطبيعة ، ومن الوجودات هذا الفرد ، بل يمكن أن يقال ان لوازم وجود كل فرد أيضا محبوبة ، غاية الأمر بالتبع ، وكذلك في المبغوض ، بخلاف الثاني فانه لا يصدق على فرد من الافراد أنه محبوب ، بل يقال انه شيء ينطبق عليه المحبوب ويتحقق به ، ولا يسري إليه الطلب. وليكن هذا الفرق على ذكر منك ، لعلّه ينفعك في مقام النتيجة.