نعم ذهب المحقق القمي (قدسسره) إلى التفصيل بين ما كان العجز مستندا إلى سوء اختيار المكلف وعدمه ، فخص القبح بالثاني. ومن هنا حكم بأن المتوسط في الأرض المغصوبة منهي عن الغصب فعلا ، ومأمور بالخروج كذلك.
ولكنك خبير بأن هذا التفصيل يأبى عنه العقل ، بل لعل قبح التكليف بما لا يطاق مطلقا من البديهيات الأولية. وكيف كان فقبل الشروع في المقصود ينبغي رسم أمور :
(الأول) أنه قد يتوهم ابتناء المسألة على كون متعلق التكاليف هو الطبيعة أو الفرد ، فينبغي التكلم في هذه المسألة على وجه الاختصار ، حذرا من فوت المهم ، والنّظر فيها يقع في مقامات : (أحدها) في تشخيص مرادهم (ثانيها) في أنه هل يبتنى النزاع في مسألتنا هذه عليها ، بمعنى أنه لو أخذ بأحد طرفي النزاع فيها لزم الأخذ بأحد طرفي المسألة فيما نحن فيه أم لا؟ (ثالثها) في أدلة الطرفين.
أما المقام الأول ، فيمكن أن يكون مرادهم أنه بعد فرض لزوم اعتبار الوجود في متعلق الطلب ، فهل الوجود المعتبر هو وجود الطبيعة ، أو وجود الفرد؟ (١٥٣) ويمكن أن يكون مرادهم أنه بعد فرض اعتبار الوجود ، هل
______________________________________________________
نعم قد يقال ـ على القول بكفاية الجهة في صحة العبادة ـ انه لا وجه لقيد المندوحة ، لجريان النزاع في ما لا مندوحة فيه أيضا ، من حيث جهة المطلوبية والمبغوضية ، وان لم يكن تكليف في البين.
وفيه : انه لا تزاحم بين الجهتين حتى على القول بالامتناع ، وإنما التزاحم في مقام الإرادة ، كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. والإرادتان لا محالة لا تجتمعان في ما لا مندوحة فيه ، فيكون النزاع فيه لغوا.
(١٥٣) والفرق بين المعنيين اعتباري ، وعلى الأول تكون المادة بمعناها