(فان قلت) سلمنا كون الشرط نفس الترك الخارجي للضد ، ولا يلزم من ذلك تأخر الطلب عن مضى زمان الترك ، ولكن نقول في ظرف فعلية الطلب المشروط إما ان تقول ببقاء الطلب المطلق أولا. والثاني خلاف الفرض ، والأول التزام بالأمر بما لا يطاق (١٥١).
______________________________________________________
قلت : الفرق هو أن الأمر بالأهم لا يؤثر على فرض تركه الخارجي ، ولا صلاحية له في التأثير ، بخلافه مع العنوان ، فانه ـ مع العلم بأنه يعصى ويترك في علم الله ـ لا يسقط الأمر بالأهم ، ولا يخرج بذلك العلم عن صلاحية التأثير ، وهو لا ينافي الأمر بالمهم بالفرض.
(١٥١) وذلك لأنه يجب الأهم في هذا الزمان بالفرض ، والمهم أيضا واجب ، لحصول شرطه ، وما ذكر ـ من تقييد المهم بمعصية الأهم ، مع عدم تأثير الأهم في تلك المرتبة ـ انما يؤثر في رفع التمانع والتضاد بين الإرادتين في زمان واحد ، لا في إقدار المكلف على إيجاد الضدين ، وأيضا يستلزم ذلك عقابين على تقدير عدم إتيان المكلف بشيء منهما ، ولا يلتزم به القائل بالترتب.
وحاصل الجواب : أن الجمع بين التكليفين ـ على نحو يكون أحدهما مقيدا بمعصية الآخر ـ ليس بمحال ، وليس من التكليف بما لا يطاق ، وإن لم يكن المكلف قادرا على الجمع ، لعدم اقتضائهما الجمع في آن واحد ، وعدم مطاردة مقتضى الإرادتين.
واما تعدد العقاب ، فلا مانع من الالتزام به ، بعد مساعدة الوجدان ، وعدم مخالفته للبرهان. وبعد التأمل لا يكون العقاب عليهما إلا كالعقاب على ترك الفعلين غير الضدين ، وان شئت فراجع وجدانك لترى هل لا يمكن تحقق الإرادة الآمرية من الآمر على شيء ، وبعد العلم بمعصية المأمور تحقق الإرادة الفاعلية على ضده ، مثل أن تأمر عبدك بتهيئة أسباب السفر ليوم الجمعة مقارنا لطلوع الفجر ، ثم بعد العلم بالمعصية بنوم العبد في تلك الساعة مطمئنا ، ومع ذلك تعاقب العبد على ترك تهيئة أسباب سفرك ، ولا يصح منه الاعتذار بعدم القدرة على امتثال أمرك في تلك الساعة للنوم ، لأن النوم لم يكن الا بعد العلم بتحقق المعصية منه ، فافهم واغتنم.