تعلق الطلب به ، ضرورة ان الطلب يقتضى صدور الفعل عن الفاعل ، وما ليس من مقولة الحركة والفعل لا يمكن تعلق الطلب به (١٢٨) لأن إرادة الأمر مثل إرادة الفاعل في كونها موجبة لتحريك العضلات ، غاية الأمر
______________________________________________________
الأمر بالمسبب هل يرجع إلى السبب؟ :
(١٢٨) لكن الظاهر عدم لزوم ذلك ، بل قد تتعلق الإرادة بما ليس بفعل ، كسواد شيء أو بياضه ، مع كون مقدماته مقدورة ، وكذلك موت شخص وأمثاله. ولا فرق في ذلك بين إرادة الآمر والفاعل ، فان إرادة الفاعل أيضا قد تتعلق بوجود شيء من ذلك ، ويتحرك نحو مقدماته. وليست مقدماته مرادة له إلا تبعا ، فمتى ما كان المراد من قبيل الأفعال ، توجب الإرادة تحريك العضلات نحوه ، ومتى ما كان من قبيل ما ذكرنا توجب تحريك العضلات نحو مقدماته ، بان تترشح منها إرادة أخرى تبعا نحو المقدمات.
فإن قلت : كيف توجد الإرادة نحو المراد قبل الإتيان بالمقدمات ، وقد مر اشتراط اتصال زمان المراد بزمان الإرادة الفعلية؟
قلت : ـ بعد النقض بالافعال المرادة المحتاجة إلى المقدمات ـ إنه قد مرّ أيضا عدم المانع من تحقق الإرادة لو لم يكن بين المريد والمراد إلا إعمال قدرته ، ولو كان ذلك محتاجا إلى الزمان أيضا. وما أنكرناه هو تحقق الإرادة فيما لم يكن الفعل مقدورا أصلا ، من جهة تأخر زمانه.
والحاصل : أنه يكفي في الإرادة مجرد كون المراد حاصلا من فعل المكلف أو مرتبطا به بنحو من الارتباط ، بحيث يكون قادرا على إيجاده ولو بوسائط. نعم لو قيل بأن المقدور بالواسطة ليس بمقدور أصلا ، صح إنكار الأمر بالمسبب مطلقا.
ثم إنه لو سلّم لزوم تعلق الإرادة بالمعنى المصدري للمأمور ، فأي ملزم لكونه فعلا له بلا واسطة ، أو متحدا معه ، حتى يحتاج إلى الالتزام بما التزم به في مثل حركة اليد والمفتاح ، مع وضوح تعددهما وكون أحدهما معلولا للآخر ، وأوضح من ذلك تعدد القتل والرمي ، فانه قد يتفق الفصل بينهما بدقائق ، فكيف يمكن ادعاء اتحادهما عنوانا؟