ذات المقدمة ، لا ينافى الالتزام في بعض الموارد بمدخلية قصد الإيصال في موضوع الواجب ، لجهة خارجية (١٢٤) ، كما لو توقف إنقاذ الغريق على خصوص التصرف في ملك الغير ، فحينئذ نقول بأن الواجب من ناحية الإنقاذ هو التصرف بقصد الإنقاذ ، لأن إذن الشارع في الغصب ـ مع كونه مبغوضا في حد ذاته ـ إنما هو من جهة أهمية الإنقاذ ، إذ لا يقدر المكلف على ترك الغصب وفعل الإنقاذ معا. ولما كان ترك الإنقاذ أبغض من فعل الغصب ، رضى بفعله. ولا شك أن الاذن في المبغوض ـ من جهة المزاحمة ـ إنما هو من الضرورة التي تقدر بقدرها. وحيث تدفع الضرورة بالإذن في الغصب المقصود به الإنقاذ ، فلا وجه للإذن في قسم آخر ، وهو الغصب الغير المقصود به ذلك.
هذا ، ولنشرع في المقصود ، فنقول : ذهب بعض الأساطين قدسسره إلى اعتبار قيد الإيصال ، وأن المقدمة ـ مع قطع النّظر عن الإيصال ـ لا تتصف بالوجوب. ونحن نذكر الاحتمالات المتصورة في
______________________________________________________
المقدمة الموصلة :
(١٢٤) توضيح ذلك : أن بعض المقدمات قد لا تتصف بالوجوب الفعلي ، لمانع خارجي يمنع عن ذلك ، نظير ما إذا كان للواجب مقدمتان على البدل : إحداهما محرمة والأخرى محللة ، فلا تتصف المحرمة بالوجوب ، لممانعة الحرمة له ، مع وجود مقتضي الوجوب فيهما ، بلا تفاوت بينهما من حيث الاقتضاء. ومعلوم أن ذلك لا يوجب تقييد الواجب من المقدمة بكونها مباحة. ولذا لم يقيدها أحد بذلك ، ففي المقام أيضا حيث أن عدم اتصاف الدخول ـ بلا قصد الإنقاذ ـ بالوجوب مستند إلى مانع خارجي ، وهو حفظ الغرض الآخر المتعلق بترك الغصب حتى الإمكان ، ما لم يزاحم الأهم ، كالدخول مع القصد المذكور ، بلا حدوث نقص في اقتضاء الدخول للمقدمية ، فلا وجه لتقييد العنوان بمثل الفرض.