ـ مع ما عرفت في القول بالواجب التعليقي ـ أن توجه التكليف المطلق بالوضوء ـ مع انحصار المقدمة في المنهي عنها ، وكذلك الحج ـ تكليف بما لا يطاق.
نعم على القول بالترتب ـ كما يأتي تفصيله في محله إن شاء الله ـ يصح ذلك ، ولكن مع ذلك القول بصحة الوضوء محل إشكال ، من حيث أن تصحيح التكليفين ـ المتعلقين بالفعلين اللذين لا يمكن الجمع
______________________________________________________
العاصي حتى ينافي الأمر المقدمي المتعلق بعنوان العاصي للنهي. ومحصل الجواب : أن الإطلاق وإن لم يشمل العاصي بعنوانه ، لكن الإشكال أيضا في أن النهي لا يسقط بمجرد كونه معنونا في علم الله بعنوان انه يعصي ، بل السقوط يترتب على المعصية الخارجية. والمفروض عدم تحققه بعد ، فيكون ما هو المأمور به ـ لصدق العنوان المذكور عليه ـ هو المنهي عنه فعلا ، لعدم سقوط النهي ، فيجتمع الأمر والنهي في موضوع واحد ، ولا يمكن تصحيحه بترتب الأمر بالمقدمة على عنوان العصيان في النهي ، حتى على القول بالترتب ، لأن المناط ـ في تصحيح الأمر بالضدين بنحو الترتب ـ ترتب المهم على المعصية الخارجية للأهم ، كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى ، فلا يجتمع مقتضاهما ، بل المهم يقتضي الإيجاد في مرتبة لا يقتضي الأهم شيئا ، وذلك بخلاف الترتب على عنوان تحقق عنوان العاصي ، فانه يجتمع مع اقتضاء النهي للترك ، فلا يصلح للتصحيح.
ولا يتوهم أن العنوان المذكور متأخر رتبة عن المعصية الخارجية ، لانتزاعه منها ، والأمر إذا كان متأخرا عنه رتبة ، لا يقتضى النهي في تلك المرتبة تركه ، فهذا أولى من الترتب في الضدين ، لأنه يتأخر الأمر بالمهم عن الأمر بالأهم بمرتبة واحدة. وفي المقام يتأخر الأمر المقدمي عن (لا تغصب) بمرتبتين ، لأن تأخر مرتبة العنوان المنتزع عن الخارج مما لا يصدقه الوجدان ، فان زيدا مثلا في علم الله معنون بعنوان أنه يعصي ، مع أنه ليس منه في الخارج عين ولا أثر ، فكيف يمكن أن يكون ذلك معلولا للمعدوم ومتأخرا عنه؟ بل العنوان المذكور معلول لعلم الباري جل شأنه. وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى في المقدمة الموصلة.